Tag Archives: وزارة العمل

السنة 2020… عدد الأجانب 20 مليون…

في كل سنة تقريبا يصدر جهاز جديد من الآيفون، ويتدافع الناس لشرائه ويرتفع سعر الجهاز بشكل كبير، ويصل أحيانا لضعف سعره الأصلي الذي يفترض أن لا يتجاوز 2700 ريال، وقد يصل الأمر إلى نشوء سوق سوداء لهذا الجهاز، ودخول المحسوبة والواسطات من خلال منافذ البيع، حيث يحتفظ الموظفون المسؤولون عن بيع الجهاز ببعض الأجهزة لبيعها لأصدقائهم، أو حتى شرائها وبيعها بسعر أعلى لعملاء آخرين. كل هذه الظواهر المصاحبة لإصدار جهاز الآيفون الجديد ناتجة عن عامل واحد، أن المعروض أقل من الطلب على السعر الأساسي للجهاز، فالغالبية العظمى ممن يرغب بشراء الجهاز بسعره الأصلي لا يجد الجهاز، فهل من العدل أن يتحكم بعض الأشخاص بآلية التوزيع والبيع ويمنحون الجهاز لمن يريدون؟ ويحرمون غيرهم؟ أو هل من العدل أن يشتري المسؤول عن بيع الجهاز، ثم يبيعه بسعر أعلى في السوق السوداء؟ الجواب لا. ماذا لو كان السعر الأساسي للجهاز 6000 ريال؟ لو كان السعر الأساسي بهذا الارتفاع لانخفض الطلب بشكل كبير، ولاختفت جميع الظواهر السلبية المصاحبة لإطلاق الجهاز ولاختفت السوق السوداء تماما، ولاستطاع أي شخص لديه 6000 ريال أن يشتري الجهاز بسهولة.

في كل سنة يتقدم أصحاب العمل لوزارة العمل بطلب ملايين التأشيرات، تتجاوز 2 مليون تأشيرة وقد تصل لـ 3 ملايين تأشيرة، ومن جهتها لا تستطيع وزارة العمل أن تلبي كامل هذه الطلبات، فتمنحهم ما معدله أقل من مليون تأشيرة سنويا. وهذا يعني أنها رفضت منح أكثر من 2 مليون تاشيرة. بعض التأشيرات التي تمنح هي استبدال لعامل وافد مغادر، ولذلك فإن صافي عدد العمالة التي تدخل سنويا يصل تقريبا لـ 500 ألف وافد، ولو تمت الموافقة على جميع الطلبات فهذا يعني أن عدد الداخلين الجدد من الوافدين قد يصل لأكثر من 2 مليون وافد سنويا، وبذلك سيصل عدد الأجانب بحلول عام 2020 لأكثر من 20 مليون أجنبي. فهل يعقل أن نسمح بوصول عدد الأجانب لهذا الرقم؟ وهو رقم ضخم له تبعات اجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية لا يمكن قبولها بالنسبة لكثيرين، وعلى رأسها زيادة الجرائم وتغير التوزيع الديموغرافي، واقتصاديا  يكفي أن نعرف أن حجم تحويلات الأجانب سنويا تجاوز 100 مليار ريال، ولو وصل عددهم لأكثر من 20 مليون وافد فسيتجاوز حجم التحويلات السنوية 200 مليار ريال، مع العلم أن مرتبات كل موظفي الحكومة لا تتجاوز 200 مليار ريال سنويا. فإن كنت لا تمانع أن يصل عدد الأجانب لهذا الرقم رغم كل ما يصاحبها من سلبيات فبقية المقال لا يعنيك. أما إذا كنت ترفض أن يصل عدد الأجانب لهذا الرقم فما هو الحل الأمثل لتقنينه وتحديد حجمه؟

في الوقت الحالي، من يتحكم بحجم تدفق الأجانب سنويا هي قوانين الوزارة وضوابطها، وقرارات الموظفين العاملين فيها، فهل من المنطقي وهل من العدل أن تتولى وزارة كوزارة العمل توجيه الاقتصاد من خلال التحكم بمن يحصل ومن لا يحصل على أحد أهم عناصر الإنتاج وهو العنصر البشري؟ لا يمكن لوزارة مهما بلغت قدراتها أن تمتلك المعلومة الدقيقة والأفضل لتحديد من يستحق من أصحاب العمل أن يحصل على العمالة، ومن لا يستحق، وتحديد الأعداد المناسبة لكل منشأة ولكل قطاع، كما أن منح جهة واحدة السلطة للتحكم بعنصر إنتاجي مهم يفتح الباب على مصراعيه لتفشي الفساد والرشاوي والمحسوبية والسوق السوداء. هذه السلطة التي تملكها وزارة العمل أو من يعمل فيها تمكّنهم من تحديد مصير شركات ومؤسسات، وتحديد مستوى ربحيتها ومستوى قدرتها على التوسع. وبعض اصحاب الأعمال يحصل على هذه التأشيرات وهو لا يستطيع أن يجني أرباحا كافية منها فيقوم ببيعها لغيره ممن هو أحق بالحصول على هذه التاشيرات، ولا يمكن مهما بلغت درجة الرقابة أن يتم القضاء على هذه الظواهر، فحيث تكون هناك سلطة تتدخل في تحديد من يحصل على مورد محدود يزيد فيه الطلب على المعروض، سيكون هناك فساد وسوء إدارة وسوق سوداء، لا مفر من ذلك.

لا يمكن أن ننزع من وزارة العمل سلطة توجيه الاقتصاد إلا من خلال تقليل الطلب على الاستقدام، يجب يكون للشركات الأكثر ربحية وإنتاجية الأولوية في الحصول على العنصر البشري الوافد المحدود العدد، فإذا كان هدف الدولة أن لا يدخل سنويا أكثر من 500 ألف وافد، فيجب أن يذهب كل هؤلاء لأكثر القطاعات إنتاجية، وأن لا يكون هناك أي جهة وسيطة تحدد توزيع هذه العمالة. وحتى نتمكن من ترك قوى السوق تتحكم بتوجه العمالة فإن رفع تكلفتها هو الحل الوحيد، فكلما ارتفعت تكلفة الاستقدام فإن القطاعات الأقل ربحية وإنتاجية ستتوقف عن الاستقدام لأن استقدام العمالة لن يكون مجديا بالنسبة لهم. وستتركز عملية الاستقدام على القطاعات الاكثر نموا والأعلى عائدا على الاقتصاد الوطني. وحتى نحقق هذا الهدف يجب أن ترتفع تكلفة الاستقدام حتى يتساوي حجم الطلب على العمالة للحجم الذي تم تحديده من قبل الدولة لحجم تدفع العمالة – مثلا 500 الف وافد. عندها لن تحتاج المنشأة أن تمر بأي عقبات بيروقراطية عند الاستقدام، وسيستطيع كل من يتقدم بطلب استقدام أن يحصل على كل ما يطلبه من عمالة ما دام قادرا على تحمل التكاليف الجديدة.