Tag Archives: السعودية

لغز سوق العمل المحير

أحد العناصر الأساسية للتخطيط السليم هو امتلاك المعلومة الدقيقة التي تمكّن صاحب القرار من اتخاذ القرار وتجعله قادرا على التخطيط للمستقبل بشكل يناسب الاحتياجات. وتزداد أهمية المعلومة عندما يتعلق الأمر بالجوانب الاقتصادية والمتعقلة بعلاج البطالة وخلق الوظائف وزيادة دخل المواطنين ورفع مساهمتهم في الإنتاج وبناء الوطن، كما أن البيانات والمعلومات ضرورية للمهتمين والباحثين حتى يتمكنوا من اقتراح الأفكار أو تقويم الخطط أو مراقبة الأداء. رغم كل ما أشرنا له من أهمية بالغة للمعلومات الشاملة والدقيقة، نجد أن هناك شحّا كبيرا حتى على مستوى المعلومات الأساسية التي لا يمكن بناء أي خطة اقتصادية من دونها، وعلى رأس تلك المعلومات، المعلومات المتعلقة بسوق العمل، فرغم كل المبادرات التي أطلقت في الفترة الأخيرة إلى أن هناك غموضا كبيرا يشوب كثيرا من الجوانب المتعلقة بسوق العمل، ومن هذه المعلومات الضرورية هي حقيقة حجم القوى العاملة من السعوديين ومصادر دخلهم، حيث نجد تضاربا كبيرا في الأرقام وفجوات واضحة تحتاج لتوضيح.

سن العمل حسب المعايير العالمية هو 15 سنة وأكثر، ولكن بسبب اختلاف البنية الاجتماعية في السعودية سنفترض أن سن العمل هو 24 سنة أو أكثر، حيث يبلغ عدد السعوديين (الذكور) الذين تتراوح أعمارهم بين 24 سنة و64 سنة حوالي 4 ملايين مواطن وذلك حسب أرقام مصلحة الإحصاءات العامة. وهذا الرقم يمثل من الناحية النظرية عدد المواطنين الذين يحتاجون لمصدر دخل حتى يعيلوا أسرهم وينفقوا على أنفسهم، ويبلغ عدد السعوديين الذكور العاملين بالقطاع الخاص حوالي 670 ألفا وذلك حسب آخر احصائية منشورة لوزارة العمل عام 2010، أما السعوديين الذكور العاملين بالقطاع الحكومي المدني فهو 583 ألف مواطن، ويبلغ عددهم في القطاعات الحكومية الأخرى بين 300 ألف و 400 ألف مواطن، ويبلغ عدد الذكور المستفيدين من حافز حوالي 162 ألفا. هذا يعني أن مجموع السعوديين الذكور الذين يعملون بوظيفة رسمية تدر عليهم دخلا شهريا وعدد السعوديين الذكور الباحثين عن عمل يبلغ حوالي 1.8 مليون سعودي.

1.8 مليون سعودي فقط لديهم مصدر دخل ثابت في وظيفة أو يبحثون عن عمل، وحتى لو افترضنا أن نسبة الخطأ في هذه الأرقام 200 ألف سعودي بسبب عدم تحديث البيانات من قبل بعض الوزارات، فهذا يرفع الرقم لـ 2 مليون سعودي لديهم وظائف ويبحثون عن عمل. أي أن أكثر من 50% من السعوديين الذكور في سنة العمل ليس لديهم وظيفة ولا يبحثون عن وظيفة. ويبقى السؤال: ماهو مصدر دخل هؤلاء الـ 50%؟ فعددهم يزيد على 2 مليون، ولا يوجد أي بيانات أو إحصاءات توضح مصدر دخلهم. هل يعقل أن كل هؤلاء يملكون أعمالهم الخاصة؟ المعدل العالمي للعمل الحر يتراوح بين 5%-10% على أكثر تقدير. هل يعتمد كل هؤلاء على التستر كمصدر دخل وحيد؟ هل لديهم من ينفق عليهم وليس لديهم مصدر دخل؟ كل هذه الأسئلة طرحتها على أكثر من مسؤول ولم أجد إجابة عليها، لا أحد يعرف ماهو مصدر دخل 2 مليون سعودي. فهل هناك من يملك إجابة هذا اللغز المحير؟

خطوة في طريق تحرير صناعة الإسمنت

في قرار تاريخي لوزارة التجارة، أعلنت الوزارة عن تثبيت أسعار بيع الإسمنت من المصانع ليكون 12 ريال للكيس. وسعر بيعه في منافذ البيع للمستهلك النهائي بـ 14 ريال للكيس. سعر كيس الإسمنت قبل هذا القرار كان يباع بـ 13 ريالا من المصنع. وهو سعر تعارفت عليه المصانع ولم يكن هناك تثبيت للسعر. أما السعر للمستهلك النهائي فكان يتفاوت بشكل كبير. مما فتح الباب للسوق السوداء والتلاعب خاصة مع زيادة الطلب حسب المواسم.

تثبيت الأسعار رغم أنه يتنافى مع مباديء حرية الأسواق، إلا أنه في هذه الحالة هو الحل الأمثل، والسبب الرئيسي في ذلك أن سوق الإسمنت غير محرر، فهذا السوق مدعوم بشدة من قبل الدولة من خلال تزويده بالوقود الرخيص جدا الذي لا يتجاوز سعره لهذه المصانع 5 دولارات. كما أن باب التصاريح شبه مقفل، ومن شبه المستحيل أن يتمكن مستثمر من دخول هذا السوق رغم الأرباح الفلكية التي يمكن أن يجنيها، حيث يزيد صافي ربح هذه المصانع على 50% سنويا.

إن خطوة تثبيت الأسعار يجب أن تكون تمهيدا للتحرير الحقيقي لسوق الإسمنت، بحيث يفتح الباب على مصراعيه للمستثمرين للإستثمار في هذا المجال وإنشاء مصانع الإسمنت، وهذا سيؤدي لزيادة المعروض والطاقة الإنتاجية بشكل كبير، مما سيدفع الأسعار للنزول بشكل أكبر حتى تصل هوامش الربح للنقاطات المعقولة ماليا والتي تتراوح بين 10%-15%. وهي المعدلات الطبيعية لهذه الصناعة في بقية الصناعات وبقية دول العالم. كما أن زيادة الطاقة الإنتاجية حتى لو كانت غير مستغلة ستعمل على حماية السوق من أي زيادات مفاجأة في الطلب، وبالتالي نضمن استمرار تدفع هذه السلعة من دون تغييرات كبيرة في الأسعار. كما أن كل التخوفات من فتح هذا السوق كالهدر الكبير للوقود المدعوم، يمكن حلها من خلال منع التصدير للإسمنت، بالتالي سنضمن أن هذه السلعة المدعومة ستستهلك داخليا فقط، ولن يكون هناك تسرب لموارد الوطن من خلال تصدير الإسمنت. والطاقة المستهلكة في الإنتاج ستوازي في آخر الأمر الكميات التي يحتاجها السوق المحلي.

أخيرا، من شبه المؤكد أن شركات الإسمنت ستعمل جاهدة لمقاومة هذا القرار ومحاربته إعلاميا والعمل على إجهاضه، ومن واجبنا أن ندعم مبادرة الوزير لحل هذه المشكلة، وأن ندعم القرار بكل الوسائل، وستتباكى هذه الشركات من خلال نشر معلومات مضللة، وأغلبها معلومات يسهل دحضها من خلال مراجعة قوائمها المالية المنشورة علنيا.

سوق الأسهم… هناك خاسر دائما

في مقال الأسبوع الماضي سلطنا الضوء على ما يحدث بسوق الأسهم من ارتفاعات، وبيّنا خطورة الدخول بهذا السوق لغير المختصين أو لغير (الكبار). وتضمن المقال الإشارة إلى أن الاستثمار هو الخيار الأمثل في هذا السوق، ويمكن من خلال الاستثمار أن يربح الجميع، أما المضاربة فهي دائما بها خاسر ورابح. وغالبا ما تكون الغلبة في الربح للأقوى. في هذا المقال سأكتب توضيحا مبسطا لآلية المضاربة حتى تتضح نقطة أن هناك خاسر (دائما).

المضاربة في الأسهم هي شراء أسهم بسعر معين بهدف بيعه بسعر أعلى في وقت لاحق وتحقيق الربح، وغالبا ما يكون البيع خلال فترة زمنية قصيرة تمتد من يوم واحد حتى بضعة أشهر. فحتى يربح أي مضارب فيجب عليه أن يجد شخصا آخر يشتري منه بسعر أعلى. وحتى يربح الجميع فيجب أن تستمر السلسلة إلى الأبد. أي يجب أن يجد كل مشترٍ للأسهم شخصا ليشتريها بسعر أعلى. وهذا أمر مستحيل، فالأسهم لا يمكن أن تستمر في الإرتفاع للأبد. واذا كان هناك ارتفاعات ليس لها أساسي مالي متين كزيادة في الأرباح أو غيره، فهذه الزيادات ستتوقف. وعندها فإن آخر من اشترى من هذا السهم سيكون خاسرا لا محالة. وهذه المعادلة، أي وجود خاسر مقابل كل رابح هي مسألة رياضية يستحيل الإخلال بها. ولايوجد أي حالة يمكن أن تجنب الناس حدوثها. وهذه الحالة تسمى لعبة ذات محصلة صفرية (zero sum game)، لأنه لايوجد خلق للثروة أو الربح عند المضاربة بالأسهم وإنما تناقل لسلعة من شخص لشخص وبأسعار متغيرة، أحدهم سيربح والآخر سيخسر.

إن الوهم الذي يزرعه البعض في أذهان الناس بإمكانية التربح السريع من خلال المضاربة بسوق الأسهم يجب أن يتم كسره، ويجب أن تكون الصورة واضحة بجلاء للجميع، أن المضاربة دائما ما يكون هناك طرف خاسر. وحتى لو كان هناك حالات ربح كبير للبعض فإن هناك الكثيرون مقابل كل شخص يربح خسروا رؤوس أموالهم. ومن أفضل الأوصاف التي قليت باسواق الأسهم: سوق الأسهم خدعة كبيرة وقودها البسطاء.

سوق الاسهم… للكبار فقط

عاد الزخم من جديد لسوق الأسهم، وتجاوز حجم التداول عشرة مليارات يوميا، وكسر المؤشر أرقاما لم يصل لها منذ أربع سنوات. ومع هذه العودة عاد موضوع الأسهم ليتصدر أحاديث المجالس، وبدأت الإشاعات والتوصيات تنتشر بين الناس. وبدا لأول وهلة أن التاريخ يعيد نفسه، وكأن درس كارثة الأسهم في 2006 لم يكن كافيا، حيث أن الكثير بدأ يتحدث الآن عن تعويض خسائره في الانهيار الماضي.

ابتداءً يجب أن نؤكد أن هناك فرصا استثمارية ممتازة في سوق الأسهم، وبعض الأسهم كانت عوائدها تزيد على 7% سنويا. وهو رقم قريب من عوائد الاستثمارات العقارية كالشقق وغيرها. وهذا النوع من الاستثمار الذي يعتمد على قوة الشركة ونموها وأرباحها الموزعة هو استثمار إيجابي، يستفيد منه كل من يستثمر، ولا يوجد فيه خاسر ما دامت الشركة تنمو وتربح.

لكن الذي يحدث الآن أن الزخم منصب على المضاربة على شركات ضعيفة في كثير من الأحيان، لا تربح وليس لها مستقبل واضح، ويتم التداول بها بكميات كبيرة بغرض رفعها بلا أساس استثماري أو منطقي. بعض هذه الشركات ارتفع أكثر من 500% خلال اشهر، وهي شركات أداؤها المالي سيء جدا. هذه الأرباح السريعة والتي تبدو سهلة، ستجذب كثيرا من صغار المستثمرين الباحثين عن الربح السريع. وسيؤدي ذلك لمزيد من الارتفاعات حتى نصل لذروة جديدة لا يمكن أن يستمر بعدها الارتفاع وتنهار الأسهم دفعة واحدة ويتضرر كل من دخل كمضارب، وخاصة صغار المستثمرين، الذين عادة ما يكونون آخر من يعلم عن قرب الإنهيار.

مالا يعيه البعض، أن المضاربة في سوق الأسهم دائما ما يكون فيها خاسر ورابح، عكس الاستثمار طويل المدى، لايمكن لشخص يربح من خلال المضاربة أن لا يكون مقابله شخص خاسر. فالسؤال المطروح، من الأقدر على الربح؟ هل هو المستثمر الصغير الذي وضع 20 ألف ريال او 50 ألف ريال؟ أم المستثمر القادر على تحريك السوق بملياراته؟ أو المستثمر الذي يحرك عددا كبيرا من المضاربين من خلال مايسمى بالجروبات؟ أم المضارب الذي يحصل على معلومات داخلية من خلال مجالس الإدارة؟ الأكيد أن المستثمر الصغير هو الحلقة الأضعف من بين هؤلاء. فنصيحتي، إن لم تكن واحدا من هؤلاء فالأفضل لك هو الابتعاد عن هذا السوق، حتى لو أغراك السوق بربحه السريع، فهذه الأرباح مردها الخسارة إن عاجلا أو آجلا.

وأخيرا فإن الواجب على الهيئات التنظيمية مثل هيئة سوق المال أن تعمل على إيقاف هذا الهيجان، وأن تقوم بضبط السوق بما يضمن حقوق صغار المساهمين، كما يجب على البنوك أن توقف التمويلات المبالغ فيها التي تشحن سوق الأسهم وتزيد من المضاربة، فليس من مصلحة أحد إطلاقا أن تتكرر كارثة 2006.

ميزانية 2012

أُعلنت عصر أمس ميزانية الدولة لسنة 2012، وبلغ حجم الميزانية المقدرة للعام المالي القادم 690 مليار ريال، مقارنة ب 626 مليار ريال لسنة 2011، أي بزيادة قدرها 10% تقريبا. وفي الملامح الرئيسية للميزانية بدأ البيان بهذا النص: " تعزيز مسيرة التنمية واستمرار جاذبية البيئة الاستثمارية بشكل عام التي من شأنها دفع عجلة النمو الاقتصادي وبالتالي إيجاد مزيد من فرص العمل للمواطنين، استمر التركيز في الميزانية للعام المالي القادم 1433\1434 على المشاريع التنموية"، هذا النص يلخص الاستراتيجية العامة للإنفاق الحكومي في الفترة القادمة، ونتمنى أن يتم تنفيذ هذه الإستراتيجية بالفعل، حيث أن الأولوية القصوى في السنوات العشر القادمة هو الإنفاق الاستثماري الذي من شأنه أن يخلق الفرص الوظيفية لجيل الشباب القادم ويضمن التنوع الاقتصادي لضمان مستويات معيشية مستدامة ومرتفعة للمواطنين.

أما في التفاصيل فقد ذكر البيان أن نسبة الإنفاق على التعليم ستزيد بنسبة 13% مقارنة بالعام الماضي، وهذا يعني أن نسبة الزيادة أكبر من نسبة الزيادة في الميزانية، وقد يكون لذلك دلالة إيجابية بأن هناك تركيزا على التعليم، خاصة أن التعليم يمثل نواة التنمية المستدامة في أي بلد، ولكن بعد قراءة نسبة الزيادة في بقية القطاعات نجد أن هناك كثيرا من القطاعات الأخرى نمت بنسبة أكبر، كالصحة التي نمت مخصصاتها بنسبة 26% والخدمات البلدية بنسبة 19% والنقل والاتصالات بنسبة 40%. كما أشار البيان أن نفقات الابتعاث الجامعي ستكلف حوالي 20 مليار ريال، وذلك لتغطية تكاليف أكثر من 120 ألف طالب، وهو بنظري مبلغ زهيد جدا مقارنة بالعائد الإيجابي جدا لبرنامج الابتعاث. وهو يعني أيضا أن كل طالب يكلف حوالي 170 ألف ريال سنويا، وهو رقم لا يختلف كثيرا عن التكلفة التي تتكبدها الدولة للطالب الجامعي في الجامعات المحلية.

أجمل ما ورد في بيان وزارة المالية هو الأرقام المتعلقة بالنمو لعام 2011، وخاصة النمو في الناتج المحلي للقطاع غير البترولي وقطاع الصناعات التحويلية، حيث أن ذلك يمثل برأيي الضمان الأهم لخلق الفرص الوظيفية، فقد نما الناتج المحلي للقطاع غير البترولي بنسبة 8.3% مقارنة بأقل من 4% لعام 2010، أما الصناعات التحويلية غير البترولية فقد نمت بنسبة 15% مقارنة بنسبة نمو لا تزيد على 5% لعام 2010.

شروط حافز… بين المنطق والعاطفة…

أثارت الشروط الجديدة لإعانة الباحثين عن العمل (حافز) غضب الكثيرين، حيث تسببت هذه الشروط في استبعاد أعداد كبيرة جدا من المتقدمين، وجاء في مقدمة هذه الشروط تحديد الشريحة العمرية المستحقة لحافز، حيث حددت بمن تتراوح أعمارهم بين 20-35 سنة، وهذا يعني أن أكثر من 4 مليون مواطن – وهم من تزيد أعمارهم على 35 سنة – لا تنطبق عليهم شروط حافز بسبب السن، كما كانت هناك عدة شروط أخرى لتحديد أحقية المتقدم لحافز، ورغم كل هذه الشروط فقد أعلن مدير عام صندوق الموارد البشرية إبراهيم آل معيقل أنه يتوقع وصول عدد المستحقين لحافز لمليون ونصف، وهذا يعني أن أكثر من 35% من الشباب بين 20-35 سنة هم عاطلين عن العمل، حيث يقدر إجمالي عددهم بأربعة ملايين.

وبالإضافة للشروط المعلنة للاستحقاق، فقد تم الإعلان أن المنضمين لحافز سيتم إلحقاهم بدورات تدريبية مع البدء بصرف الإعانة، وقد اعترض كثيرون على هذا الإجراء أيضا. وأعتقد أن الدورات التدريبية هي أفضل طريقة لمعرفة الجادين في البحث عن العمل، كما سيسهم التدريب في رفع جاذبية الباحث عن عمل بالنسبة للشركات، وأخيرا فإن التدريب لمستحقي حافز سيجنبنا أحد أكثر السلبيات المتوقعة خطورة بسبب البرنامج، ألا هو اعتماد المعونة كمصدر دخل والتكاسل عن الحصول على وظيفة حقيقية.

في الوقت الذي نتفهم فيه سخط البعض من الشروط الجديدة لحافز، ونتمنى لو أعلنت الشروط في وقت مبكر حتى لا يفاجأ غير المستحقين للمعونة بهذه الشروط، إلا أننا – وبعيدا عن العاطفة – نعتقد أن من حق المسؤولين في حافز أن يضعوا الضوابط التي تضمن وصول المعونة للباحثين عن عمل فعلا، خاصة أن ارقام المستحقين لحافز ستكون رقما مرجعيا لمعرفة العدد الحقيقي للعاطلين عن العمل، وبناء عليه يجب أن تبنى الخطط الاقتصادية والإصلاحات التنظيمية، خاصة فيما يتعلق بنسب السعودية وحجم النمو المطلوب في القطاعات الاقتصادية الذي يضمن خلق عدد كاف من الوظائف للمواطنين.

أخيرا، فإن معونة حافز ليست هبة، وإنما مساعدة مؤقتة للباحثين عن عمل حتى إيجادهم لوظيفة، ومن حق المعترضين على هذه الشروط أن يطالبوا بهبة حكومية للجميع ليس لها علاقة بحافز وليس لها علاقة بالبحث عن العمل. ولا يمكننا أن نحمل القائمين على حافز مسؤولية تحسين المستوى المعيشي لجميع المواطنين، فمسؤوليتهم تقتصر على إعانة الباحثين عن العمل.

(المقال منشور في جريدة اليوم)

قراءة في أرقام وزارة العمل

نشرت وزارة العمل إصدارها السنوي من الكتاب الإحصائي السنوي لوزارة العمل لعام 2010، وهو تقرير يحوي أرقام وإحصاءات تفصيلية لسوق العمل في القطاع الخاص، ويمكن من خلاله قراءة أهم المتغيرات والمؤشرات كنسبة نمو السعودة والرواتب وغيرها من الأرقام المهمة اقتصاديا.

من أهم ما ورد في التقرير هو الزيادات في معدلات الرواتب للسعوديين والوافدين، بالإضافة لزيادة أعداد السعوديين والوافدين الذين انضموا للقطاع الخاص. ففي عام 2010 تم توظيف حوالي 43 ألف سعودي في القطاع الخاص، 36 ألف من الذكور و 7 آلاف من الإناث. وبذلك يكون النمو في أعداد السعوديين في القطاع الخاص مقارنة بعددهم في عام 2009 قريب من 6%، وهو رقم معقول ولكنه غير كافي لاستيعاب جميع الداخلين لسوق العمل في خلال العشر سنوات الماضية، حيث نحتاج نموا لا يقل عن 8% لتوظيف كل الداخلين لسوق العمل في العشر سنوات القادمة، وقد يساهم برنامج نطاقات الذي بدأ تطبيقه هذا العام في زيادة وتيرة التوظيف للسعوديين وتحقيق النمو المطلوب. كما يشير التقرير إلى أن عدد الذين تم توظيفهم من حملة البكالريوس في القطاع الخاص خلال عام 2010 لا يزيدوون عن 4500 سعودي وسعودية، وهو رقم متدني، وقد يدل على أن أغلب الوظائف التي تم توظيف السعوديين فيها هي وظائف متدنية المستوى والدخل. أما بالنسبة لغير السعوديين فتشير الإحصائيات إلى زيادة قدرها 53 ألف في أعداد غير السعوديين في القطاع الخاص، أي بزيادة تقل عن 1% مقارنة بعام 2009، وذلك مؤشر إيجابي يدل على تباطؤ وانخفاض كبير في حجم الاستقدام للعمالة غير السعودية.

أما بالنسبة للمرتبات، فقد ارتفع معدل رواتب السعوديين بنسبة 10.8% من عام 2009 إلى عام 2010، حيث وصل معدل رواتب الذكور السعوديين في القطاع الخاص حوالي 3562 ريال شهريا مقارنة ب 3200 ريال في عام 2009، أما الإناث فقد وصل معدل رواتبهم ل 2448 شهريا مقارنة ب 2254 ريال في عام 2009، وهي زيادة إيجابية نتمنى أن تستمر، حتى يصل معدل رواتب القطاع الخاص لرواتب الوظائف الحكومية أو يزيد عليه كما هو الحال في غالبية دول العالم الناضجة اقتصادية، أما رواتب غير السعوديين فقد ارتفعت بنسبة 36% وزادت من 764 ريال شهريا في عام 2009 إلى 1040 ريال في 2010، وقد يكون ذلك نتيجة لتناقص قدرة الشركات على الإستقدام، وهذا يعد مؤشر إيجابي آخر لأنه يزيد من جاذبية توظيف المواطنين.

(هذا المقال منشور في جريدة اليوم)