Tag Archives: أمريكا

الهجرة لأمريكا… أرقام وحقائق

أمريكا هي الاقتصاد الأكبر في العالم، والأكثر ثراء ونموا في الثلاثين سنة الماضية، كما أنها تمثل للكثيرين نموذجا للانفتاح وتخالط الأجناس. ولذلك فهي من أكثر دول العالم جذبا لسكان العالم، وهي فعليا أكثر دولة غربية جذبا للمهاجرين. وهناك مئات الملايين – وخاصة من دول العالم الثالث – ممن يتمنون الهجرة لها ليكونوا جزءا من الحلم الأمريكي.

ورغم كل هذه الخصائص الجاذبة للهجرة لأمريكا إلا أنه وعكس الانطباع السائد فإن العدد الفعلي للمهاجرين لأمريكا لا يوازي عدد الراغبين بالهجرة لها، فنسبة عدد المهاجرين لا تتجاوز 13% من إجمالي عدد السكان الذي يزيد على 300 مليون. وخلال أكثر من 37 سنة لم يتجاوز عدد الوافدين الجدد لأمريكا 30 مليونا. فماهو سبب محدودية الهجرة لأمريكا رغم أن هناك مئات الملايين من الراغبين بالهجرة لها. ولماذا لم يتجاوز عدد المهاجرين لها 200 مليون على سبيل المثال بدلا من 30 مليون فقط، هذه المحدودية عائدة للقوانين الصارمة والاشتراطات التي تمنع الهجرة المفرطة، فالقانون الأمريكي يمنع أن يتجاوز عدد المهاجرين لأمريكا 700 الف سنويا، لأنهم يعلمون أن فتح الباب على مصراعيه للهجرة، سيتسبب في تدمير النسيج الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين. فلا يمكن للشركات الأمريكية أن تستقدم الأجانب لمجرد أنهم أقل تكلفة من المواطن، كما لا يمكنهم استقدام أجنبي لأنهم يعتقدون أن المواطن كسول! في المقابل – عند الحديث عن وضع الاستقدام والتوظيف في السعودية – نجد من يجادل أن التوظيف مبني على الكفاءة وليس من العدل ولا من الحصافة الاقتصادية إجبار الشركات على توظيف المواطنين. وواقع الحال محليا يقول أن الباب شبه مفتوح على مصراعيه فيما يخص االاستقدام، ففي العام الماضي – وحسب ما أعلنته وزارة العمل – تم استقدام أكثر من 1.8 مليون وافد، 1.1 مليون للعمل في القطاع الخاص، والبقية كعمالة منزلية، أي أن عدد الوافدين للسعودية في سنة واحدة يوازي أكثر من ضعف العدد المسموح بدخوله في الولايات المتحدة، رغم أن عدد سكان أمريكا يمثل عشرة أضعاف عدد السكان في السعودية، كما أن حجم الاقتصاد الأمريكي أكبر من الاقتصاد السعودين بثلاثين ضعفا.

هذه الأرقام والاحصائيات يجب أن تستخدم كدلالة على أن منع الاستقدام والاعتماد على المواطنين هو الأصل، حتى في أكثر دول العالم انفتاحا وتحررها وقوة اقتصادية. فلا يوجد دولة مفتوحة الحدود لكل من أراد الهجرة لها والعمل فيها، حتى لو كان مؤهلا. ويجب أن يتم بناء كل استراتيجياتنا المحلية بناء على هذا الأساس، أن الأصل هو المواطن والاستثناء هو الاستقدام.

هل تركت أمريكا الصناعة؟

في كثير من الحوارات عن الشكل الأمثل للاقتصاد والاستراتيجيات المطلوب استخدامها للنهضة بالاقتصاد المحلي، يدور النقاش عن الصناعة والخدمات وفي بعض الأحيان عن ما يسمى "الاقتصاد المعرفي"، وكل طرف يعتقد أن أحد هذه الاتجاهات هي الأمثل والأفضل حتى ننهض باقتصادنا ونضمن استمراريتها ودوامه مع التزايد السكاني المضطرد وحتمية نضوب النفط أو عدم قدرتنا على تصديره بسبب الاستهلاك الداخلي في المستقبل القريب أو البعيد.

أحد الحجج التي يستخدمها مناصروا سياسة النمو الاقتصادي في مجال الخدمات و"الاقتصاد المعرفي" هي أن الاقتصادات المتقدمة تركت الصناعة واتجهت لقطاع الخدمي والمعرفي. ومن خلال قراءة واقع الأرقام في دولة مثل الولايات المتحدة يمكننا أن نستنتج أن هذه الحجة غير صحيحة، فحجم الإنتاج الصناعي في أمريكا يتجاوز 2 ترليون دولار (أي أكثر من 7 آلاف مليار ريال سعودي). وهذا الإنتاج الصناعي لأمريكا يمثل حوالي 20% من الإنتاج الصناعي العالمي. فكيف يمكن القول أن أمريكا تركت الصناعة؟

أما عند الحديث عن الصادرات الصناعية في أمريكا فتصل قيمتها لأكثر من 1.3 ترليون دولار. مقارنة بصادرات الخدمات التي لا تتجاوز 600 مليار دولار. أي أن الخدمات تشكل ما يقارب 30%، أما الصناعة فنسبتها حوالي 70% من الصادرات الأمريكية.

الجانب الآخر من حجة الداعين لدعم الخدمات هو حجم التوظيف، حيث يعتقد مؤيدوا القطاع الخدمي أن الوظائف تخلق بشكل أكبر في هذا القطاع. وهذه النقطة قد تبدو ظاهريا صحيحة، ولكنها في الواقع لا تعكس كامل الحقيقة. وذلك لأن الصناعة حتى لو كان عدد موظفيها أقل فإنها تؤدي لخلق العديد من الوظائف في قطاعات أخرى. وحتى نوضح ذلك بالأرقام، تشير أحد الدراسات الاقتصادية الأمريكية، أن كل وظيفة في قطاع صناعة السيارات في أمريكا تخلق أكثر من عشر وظائف في الإقتصاد بالمجمل. ويصل عدد الوظائف المرتبطة بصناعة السيارات بأمريكا لأكثر من 8 ملايين وظيفة. في المقابل، نجد أن إجمالي عدد موظفي أكبر اربع شركات تقنية وهي آبل ومايكروسوفت وجووجل وفيس بوك – التي قد تصنف كخدمات أو اقتصاد معرفي – لا يتجاوز 190 الف موظف.

باختصار، لا يمكن لأي اقتصاد حقيقي – خاصة في الدول الكبرى وذات الكثافة السكانية – أن لا تكون الصناعة هي العنصر الجوهري في اقتصاده. وحول هذه الصناعة يتم نسج بقية القطاعات. فلو قررت أمريكا أن تترك الصناعة وتتفرغ للخدمات أو "الاقتصاد المعرفي" فإن اقتصادها – حتما – سينهار، ولن يكون لعملتها أي قيمة.

الريال والدولار… زواج كاثوليكي أم طلاق وشيك؟

دقت الأزمة السياسية-الاقتصادية في أمريكا والمتعلقة بسقف الدين الأمريكي ناقوس الخطر، وذلك بعد أن كتمت أنفاس العالم حتى اللحظات الأخيرة التي سبقت قرار الكونجرس بالموافقة على رفع السقف، وأججت الأزمة عدم اليقين بمستقبل الدولار والاقتصاد الأمريكي، كما دفعت الكثيرين للتساؤل عن مصير الاقتصاد السعودي والريال والمستوى المعيشي للمواطن، ومدى التأثر المتوقع في حال تفاقم الأزمة الاقتصادية في أمريكا وانهيار الدولار وانخفاض قيمة السندات الأمريكية، من خلال هذا المقال سأحاول تسليط الضوء على جوانب مختلفة تتعلق بتأثير أي أزمة محتملة على الاقتصاد والمواطن السعودي.

مستقبل الاقتصاد الأمريكي

قد تكون الأزمة المتعقلة بسقف الدين أزمة سياسية أكثر من كونها أزمة اقتصادية، وقد استغلها السياسيون في أمريكا لتمرير أجندات حزبية، ولكن السبب الحقيقي الذي يجعل كثيرا من المحللين الاقتصاديين يؤمنون بحتمية حدوث أزمة اقتصادية في أمريكا في المستقبل القريب هو الأسلوب الذي قام عليه اقتصادها خلال الثلاثين سنة الماضية، فقد كانت أمريكا تعيش بأكثر من قدرتها، وذلك من خلال الإنفاق المفرط من الناحية الإستهلاكية، ويتضح ذلك من خلال العجوزات في ميزانها التجاري وميزانية الحكومة، فقد وصل العجز التجاري – وهو الفارق بين ما تستورده وماتصدره أمريكا من منتجات وخدمات– أكثر من 500 مليار دولار في 2010. أما العجز الحكومي فقد تجاوز 1 ترليون (1000 مليار) دولار، ولسد هذه العجوزات فإن على أمريكا أن تقترض من العالم لتستمر في هذا الإنفاق والإستهلاك المفرط، ولكن مع التراكم المستمر للدين الأمريكي والذي تجاوز حتى الآن 14 ترليون (14 ألف مليار) دولار فإن القلق بدأ يزداد بين الدول المقرضة وخاصة الصين واليابان ودول الخليج، وإذا توقفت هذه الدول عن شراء السندات الحكومية الأمريكية فهذا يعني يقينا أن الدولار ستنهار قيمته وسترتفع الفوائد في أمريكا بشكل كبير وقد تعلن أمريكا عجزها عن سداد الديون.

الارتباط بين الاقتصاد السعودي والدولار

الاقتصاد السعودي مرتبط بالاقتصاد الأمريكي والدولار من جهتين رئيسيتين، الأولى: سعر صرف الريال المثبت أمام الدولار، والثانية: الإحتياطيات الضخمة المستثمرة في السندات الأمريكية. وهناك خلط كبير عند الحديث عن ربط الريال بالدولار، فغالبا ما يقصد بذلك سعر الريال أمام الدولار وليس ربطه من ناحية أن احتياطياتنا أغلبها مستثمرة في السندات الأمريكية، حيث أن العملات تستمد جزءا كبيرا من قوتها من حجم الاحتياطيات من العملات أو السندات الأجنبية، لذلك فإن أهمية احتياطياتنا المستثمرة في الدولار (السندات الحكومية الأمريكية) أهم بكثير من الناحية المالية والإقتصادية من قضية تثبيت سعر صرف الريال أمام الدولار، حيث أن سعر الصرف أمر قابل للتغيير بسهولة من الناحية النظرية، أما السندات فمن الصعب جدا أو من المستحيل التخلي عنها فجأة.

ربط سعر صرف الريال بالدولار

منذ أكثر من 25 سنة وسعر صرف الريال مثبت أمام الدولار بقيمة 3.75 ريال لكل دولار، والسبب المنطقي الوحيد لهذا التثبيت الطويل الذي لم يتم تغييره أبدا هو بحث المسؤولين في مؤسسة النقد عن الإستقرار وخوفهم من المخاطرة لتجنب تحمل مسؤولية أي عواقب سلبية للتغيير، فرغم كل المتغيرات في عوائد الحكومة من انخفاض أو ارتفاع ورغم كل الموجات الاقتصادية التي مرت على العالم وعلى المملكة، ورغم التغير المستمر في سعر صرف الدولار أمام عملات العالم الرئيسية كاليوريو والين، استمر الريال على سعر صرفه ولم يتغير طوال كل هذه السنوات. وبرزت في الصحافة والإعلام بشكل عام كثير من الإقتراحات والمطالبات لتغيير طريقة التسعير وجعلها مرتبطة بسلة عملات وليس فقط الدولار وذلك لتقليل التذبذب في أسعار السلع المستوردة من دول العالم غير أمريكا، كما ارتفعت أصوات تنادي برفع قيمة الريال أمام الدولار (مثلا 3 ريالات لكل دولار) وذلك لتخفيض أسعار السلع المستوردة والتي شهدت ارتفاعا بأسعارها خاصة في السبع سنوات الماضية. ومن الناحية النظرية فإن مؤسسة النقد قادرة تسعير الريال باليورو بدلا من الدولار، أو تسعيره بالين بدل الدولار ولن يؤثر ذلك تأثيرا حقيقيا على أرض الواقع ما دامت القيمة الشرائية للريال لم تتغير، كما أن المؤسسة قادرة على رفع سعر الريال أمام الدولار خاصة مع ارتفاع أسعار النفط والفوائض الحكومية الكبيرة ووجود احتياطي ضخم من الدولار، وكل ما يتطلبه رفع قيمة الريال أمام الدولار هو قرار من مؤسسة النقد. ولكن يبقى السؤال: هل هذا في مصلحة الإقتصاد الوطني؟

الاحتياطيات المستثمرة في السندات الأمريكية

خلال السبع سنوات الماضية تراكم في خزانة الدولة مئات المليارات من الفوائض من عوائد النفط، وقامت مؤسسة النقد بتحويل غالبية هذه الفوائض في شراء السندات الأمريكية، وتشير تقارير المؤسسة أن المملكة تمتلك سندات بقيمة 1300 مليار ريال، والمؤسسة مستمرة في شراء سندات جديدة بشكل مستمر وبمعدل ما قيمته 20 مليار ريال شهريا، وهذا الرقم يمثل ضعف ما تصدره المملكة من نفط لأمريكا، حيث يتم تصدير حوالي 30 مليون برميل شهريا بقيمة 10 مليار ريال تقريبا، أي أننا عمليا نبيع كل نفطنا للولايات المتحدة الأمريكية مقابل سنداتهم ذات العوائد المنخفضة، حيث لا تزيد عوائد هذه السندات عن 3% وقد تقل عن 1% اذا كانت سندات قصيرة الأمد، وكان من الممكن مقايضة ما نبيعه من نفط لأمريكا بالتقنية الصناعية لتنمية الاقتصاد الوطني الذي نحتاجه بشكل ماس لخلق الوظائف وزيادة الإنتاجية والقدرة التصنيعية، ورغم أن كثيرا من دول العالم ذات الفوائض المرتفعة تستثمر في شراء السندات الأمريكية، إلا أن بعض هذه الدول ينوع في استخدام الفوائض، فبعض دول الخليج كالإمارات وقطر لديها صناديق سيادية تستثمر من خلالها في شركات ذات نمو جيد أو تقتنص الفرص الاستثمارية، خاصة وقت الأزمات، في المقابل نجد تخوفا شديد وتحفظا من مؤسساتنا المالية الحكومية في إطلاق أي صندوق سيادي حقيقي ينوع من استخدام الاحتياطيات الضخمة التي نمتلكها، حيث يسهم التنويع في زيادة العوائد وتوزيع المخاطر، كما أن الصناديق السيادية لها منافع سياسية كبيرة، فامتلاك حصص كبيرة في شركات مؤثرة في مختلف دول العالم يمثل قوة سياسية يمكن الإستفادة منها لخدمة مصالح الدولة، ولكن يبدو أن التعامل مع الاحتياطيات مشابه للتعامل مع تثبيت سعر صرف الريال، حيث يفضل المسؤولون الإبتعاد عن المخاطرة وتجنب تحمل مسؤولية الفشل وبالتالي لا يفكرون جديا في استثمار هذه الفوائض من خلال صناديق سيادية حقيقية.

آثار انخفاض قيمة الريال على الاقتصاد السعودي

في حال حدثت أزمة في الاقتصاد الأمريكي وانخفضت قيمة الدولار بشكل كبير أمام عملات العالم – 30% أو أكثر، ولم تغير مؤسسة النقد سعر صرف الريال أمام الدولار فإن ذلك سيكون له تأثيرات بعضها إيجابي وبعضها سلبي. فبمجرد انخفاض قيمة الدولار سترتفع أسعار السلع المستوردة من دول العالم – باستثناء أمريكا حيث لن يحدث تغير ملحوظ بحكم أنها تصدر سلعها بالدولار. كما سترتفع رواتب العمالة الوافدة بسبب تغير سعر الصرف، كل ذلك سيؤدي لتضخم يؤثر سلبا على المستوى المعيشي للمواطن الذي يعاني أصلا من ارتفاع التكاليف ولا يكاد دخله يكفيه لاحتياجياته الأساسية.

في المقابل هناك بعض الإيجابيات المتوقعة من انخفاض القوة الشرائية للريال، حيث من المرجع أن ترتفع أسعار النفط بالدولار وبالتالي ترتفع العوائد الحكومية، كما أن ارتفاع أسعار السلع المستوردة وانخفاض أسعار السلع الوطنية المصدرة للخارج سينشط الإنتاج الصناعي المحلي، وسيدفع بمزيد من الاستثمارات في هذا القطاع، حيث أن كثيرا من الصناعات غير مجدية حاليا بسبب انخفاض تكاليف الاستيراد. هذا النمو الصناعي سيفتح المجال لخلق عشرات الآلاف من الفرص الوظيفية ذات القيمة العالية ويسهم في تقليل أزمة البطالة التي نواجهها.

أما لو قررت مؤسسة النقد مواجهة انخفاض قيمة الدولار برفع سعر صرف الريال أمام الدولار (على سبيل المثال 3 ريالات لكل دولار). فإن أول آثاره هو انخفاض عوائد الدولة (بالريال السعودي) من مبيعات النفط وزيادة الضغط على خزينة الحكومة، كما أن رفع قيمة الريال سيؤدي لأضرار جسيمة على الصناعة المحلية، وذلك لأن أسعار السلع المستوردة ستنخفض مباشرة، وستزداد صعوبة التنافس مع هذه السلع أو الخدمات المستوردة من قبل المنتجين المحليين، كما سترتفع أسعار السلع الوطنية التي يتم تصديرها، ومن شأن ذلك أن يقضي على كثير من الصناعات المحلية ويقضي على أي أمل في زيادة حجم الإستثمار في المجالات الاقتصادية المنتجة. ويبقى الأثر الإيجابي الوحيد للمواطن وهو انخفاض تكلفة إستيراد السلع من أمريكا.

آثار انخفاض السندات الأمريكية على الإقتصاد السعودي

لو انخفضت قيمة السندات الأمريكية بسبب أزمة اقتصادية فهذا يعني أن القدرة الشرائية لكل الفوائض التي استثمرت في السندات الأمريكية ستنخفض بنفس المقدار، وذلك يعني أننا فوتنا الفرصة في استخدام فوائضنا لتستثمر بقنوات أكثر نفعا وأعلى عائدا، كاستثمارها في شراء التقنية أو شراء الشركات أو حتى لمجرد الإستهلاك، فلو كانت قيمة السندات التي نمتلكها حاليا – وتزيد قيمتها على 1300 مليار ريال – قادرة على شراء 8 ملايين سيارة لكزس من اليابان فإنها قد لا تشتري أكثر من 5 ملايين سيارة لو انخفضت قيمة السندات، ولو كنا قادرين بقيمة السندات الحالية أن نشتري كل أسهم شركة سوني وسامسونج ونستلة فإننا لو انخفضت قيمة السندات قد لا نستطيع شراء أكثر من شركة واحدة من هذه الشركات. لذلك فتأثير انخفاض قيمة السندات الأمريكية سيكون سلبيا على اقتصادنا ولا يوجد أي إيجابية هذا الإنخفاض على الإطلاق. وهذا برأيي هو أكبر ضرر سيتكبده الاقتصاد المحلي في حال واجه الاقتصاد الأمريكي أزمة اقتصادية تؤدي لانهيار عملته.

طريق الخروج من الأزمة

قد لا يتفق كل الاقتصاديين على مستقبل الدولار، فقد يقول بعضهم أن سقوط الدولار أمر مستحيل، وقد يقول آخرين – وهذا رأيي – أن سقوط الدولار أمر حتمي، ولكن أيا كان رأينا؛ هل من الحكمة أن نضع كل بيضنا في سلة واحدة؟ إن حدوث أي هزة في الاقتصاد الأمريكي تؤدي لانخفاض الدولار وانخفاض قيمة السندات سيكون لها أثر سلبي كبير على اقتصادنا المحلي، ولا يمكن أن نتجنب كل الآثار السلبية لهذه الصدمة، فمن المستحيل بيع كل السندات الأمريكية لأن ذلك بحد ذاته قد يتسبب في أزمة مالية تؤدي لانخفاض قيمة السندات، ولكننا على أقل تقدير قادرين على تخفيف أثرها للحد الأدنى، وأولى الخطوات الاحترازية لمواجهة أي أزمة محتملة هي التوقف عن شراء مزيد من السندات الحكومية الأمريكية، واستثمار كل فوائضنا في قنوات بديلة سواء كان ذلك عبر إنشاء صناديق سيادية للإستثمار في الشركات العالمية أو من خلال استيراد التقنية المتقدمة مرتفعة الثمن لتنشيط الإقتصاد المحلي المنتج. أما بالنسبة لسعر صرف الريال أمام الدولار في حال انخفض سعر الدولار بشكل كبير، فإن مؤسسة النقد قادرة على تغيير سعر الصرف بأي لحظة ورفع قيمة الريال لتجنب أي زيادة في التكاليف للسلع والخدمات المستوردة من أوروبا أو آسيا، ولكن ذلك سيؤثر سلبا على قدرة الصناعات المحلية على الإنتاج والتصدير، مما سيعيق التنمية في المجال الاقتصادي المنتج القادر على خلق الوظائف التي نحتاجها أمس الحاجة، حيث يدخل سنويا أكثر من 200 ألف مواطن لسوق العمل، ولن نستطيع أن نخلق ما يكفي من الوظائف إلا بنمو يزيد على 8% سنويا في القطاع الخاص، كما أن زيادة طاقتنا الإنتاجية ستسهم في سد الفجوة الكبيرة بين ما يستهلكه المواطن وما ينتجه، حيث يستهلك المواطن السعودي أكثر من 3 أضعاف ما ينتج، وهو وضع غير مستدام ويجب التعامل معه عاجلا غير آجل. لذلك قبل أن نطالب برفع قيمة الريال لتخفيض أسعار السلع المستوردة يجب أن نسأل أنفسنا: هل فكرنا بالمستقبل؟ فبدل أن نرفع قيمة الريال ونكرّس الاقتصاد الريعي، يمكننا الإستفادة من انخفاض الدولار وعدم تغيير سعر صرف الريال، وبذلك نكون قد خطونا أولى خطواتنا في التحول للإقتصاد المنتج الذي سيضمن للمواطنين ولأجيال المستقبل حياة كريمة ومستوى معيشي مرتفع قابل للإستدامة سواء بقي لنا النفط أو لم يبقى.

(المقال منشور بجريدة اليوم)

مقالات متعلقة:

  1. الدولار… الكارثة المؤجلة…
  2. سعادة المحافظ حمد السياري.. كفى عبثا بثروات الوطن
  3. الأزمة المالية الأمريكية.. إلى أين؟

الدولار… الكارثة المؤجلة…

على الأرجح أن أعضاء الكونجرس الأمريكي قد استطاعوا التوصل لاتفاق وصوتوا على قرار يسمح برفع سقف الدين، ومن المتوقع أيضا أن يكون التصويت هزيمة سياسية جديدة لأوباما في حال تم تمرير القرار من دون زيادة الضرائب على الأثرياء وإنما تقليل الإنفاق الحكومي. وكان العالم قد حبس أنفاسه وهو يترقب يوم 2 أغسطس، حيث كان من المتوقع أن تعجز الحكومة الأمريكية عن دفع التزاماتها لدائنيها اذا لم يتم رفع سقف الدين.

الدين الأمريكي تجاوز حجمه حتى هذه اللحظة 14 ترليون دولار (14 ألف مليار دولار) ومن المتوقع رفع السقف حوالي 2.5 ترليون دولار، وهذه الزيادة بالسقف ستكفي لتمويل الحكومة الفيدرالية حتى نهاية 2012 فقط! وسيستمر الدين الأمريكي في التضخم وسيُرفع السقف مرة أخرى بعد أن يستغل الجمهوريون أو الديمقراطيون هذا القرار سياسيا. ولكن ستأتي لحظة – وقد لا تكون بعيدة – ليقول العالم: لا نستطيع أن نمول هذا الجنون أكثر من ذلك.

إن ما يحدث الآن هو نتيجة لأكثر من ثلاثين سنة من النمو الاقتصادي الاستهلاكي في الولايات المتحدة، وبعد مراكمة مستمرة للديون والعجوزات في الميزانية العامة وفي الحساب الجاري، أصبح من شبه المستحيل أن تصحح أمريكا وضعها الاقتصادي من دون كارثة اقتصادية يواجهها الشعب الأمريكي وتعم العالم بأكمله، فإذا قرر السياسيون بأمريكا تخفيض العجز حتى تتوقف أمريكا عن الإقتراض فإن ذلك سيكون كمن يؤجج الأزمة الاقتصادية الحالية في أمريكا، فالفائدة سترتفع، وسينخفض الإنفاق والناتج القومي، وتزداد البطالة، ويرتفع عدم اليقين بين المواطنين، واذا قررت أمريكا الاستمرار بانفاقها الباذخ الحالي فإن الدين سيتضخم وسيتوقف العالم عن تمويله إن عاجلا أو آجلا.

إذا كان سقوط الدولار مسألة وقت، فإن علينا أن نستعد لعالم ما بعد الدولار، فاعتمادنا وثقتنا المفرطة بالدولار ستزيد من حجم الضرر الذي سنواجهه اذا انهار الدولار أو انخفض بنسبة كبيرة. وعلينا أن ننوع من استثماراتنا الخارجية بدل الإعتماد على السندات الأمريكية كوسيلة رئيسية لإدخار فوائضنا الضخمة من النفط، فهذه السندات ستفقد قيمتها في المستقبل القريب، وسنفقد معها كل ما ادخرناه من فوائض النفط في السنوات الماضية.

(المقال منشور بجريدة اليوم)

مقالات متعلقة:

  1. سعادة المحافظ حمد السياري.. كفى عبثا بثروات الوطن
  2. الأزمة المالية الأمريكية.. إلى أين؟

توقعات إقتصادية للسنوات الخمس القادمة

السنوات الخمس القادمة ستكون حافلة بتغييرات ثورية كثيرة، فنحن أمام مفترق طرق أسبابه اقتصادية وتقنية وسياسية. وسنحاول من خلال سلسلة من المقالات استشراف المستقبل بناءا على المعطيات الحاضرة والماضية التي تساعد على التنبوء بما سيحدث. وسنبدأ في هذا المقال باستشراف المستقبل الإقتصادي.
Continue reading

أمريكا تخطط لسرقة أكثر من 25% من ثروات الشعب السعودي

ذكرت صحيفة السياسة الكويتية أن الولايات المتحدة طلبت مساعدة مالية من السعودية قيمتها 120 مليار دولار لمواجهة آثار الأزمة المالية التي تواجهها. واذا صح الخبر فهو يمثل كارثة حقيقية للشعب السعودي الذي ما زال يعاني من الأزمات المالية المتتالية ويواجه مستقبلا مجهولا في ظل الكساد العالمي القادم والإنخفاض الشديد في أسعار النفط، كما أن هذا المبلغ الضخم يمثل أكثر من 25% من إحتياطيات الدولة التي تصل ل 480 مليار دولار والتي تراكمت في الخمس سنوات الماضية في ظل إرتفاع النفط، وستكون الدولة بحاجة ماسة لهذه الإحتياطات لتغطية العجز المتوقع خلال الخمس سنوات القادمة.
نتمنى من القيادة في السعودية أن لا تنخدع بما يقوله الأمريكان من أن هذه المساعدات عبارة عن استثمارات أو غيرها من الهراء، فالإقتصاد الورقي الأمريكي لا يمكن الوثوق به في هذا الوقت.. وكل إستثمار في إقتصادهم هو عبارة عن حرق للثروات.

تدوينات ذات صله بالموضوع :

تكفى يابو متعب تكفى.. قلهم شعبي أولى- مدونة برهوم

تحية للشعب الأمريكي وتحية للديموقراطية

http://thinkprogress.org/wp-content/uploads/2008/11/obama.jpg

رجل أسود… والده مسلم… واسمه الأوسط حسين… ويتم اختياره من قبل مواطني أقوى دولة في العالم، دولة غالبيتها من البيض المسيحيين، ليقودهم لمدة أربعة سنوات قادمة. يستحق هذا الشعب أن نصفق له إجلالا وإحتراما على تجاوز الإرث العنصري الذي كان يحمله أجداده  ليختاروا الشخص الأنسب من دون النظر لعرقه او لونه او أصله.
تحية للشعب الأمريكي.. وتحية للديموقراطية.. بعد ان كان الأسود لا يركب إلا مؤخرة وسائل النقل.. ولا يسمح له بالتعليم او حتى الأكل في المطاعم… تمكنت الحرية والديموقراطية من إيصال هذا الأسود لأعلى منصب في هذه الدولة التي (كانت) غارقة في العنصرية.