Tag Archives: أراضي

الرهن العقاري… الهروب إلى الأمام

في الوقت الذي كنا ننتظر فيه قرارات جذرية لإيقاف ارتفاعات أسعار الأراضي، كفرض الرسوم أو الزكاة على الأراضي البيضاء، أقرّ مجلس الوزراء قبل شهرين نظام الرهن العقاري. والذي يهدف حسب مصدري القانون إلى توفير التمويل اللازم للمستثمرين في مجال التطوير العقاري بالإضافة إلى توفير التمويل للمستهلك النهائي الراغب في تملك مسكن خاص. وبالتالي زيادة المعروض من المساكن من خلال زيادة الاستثمار فيها وزيادة نسبة التملك للمواطنين من خلال توفير السيولة اللازمة لشرائها. ولكن هل هذا ما سيحصل فعلا؟

باختصار، ستؤدي أنظمة الرهن العقاري إلى تقليل المخاطرة على البنوك أو شركات التمويل عند تمويل العقارات، سواء كان ذلك موجها للمستثمرين أو المستهلك النهائي. انخفاض المخاطرة على الممولين سيخفّض من نسبة الفائدة على القرض، فبينما كانت بعض البنوك تقرض المواطن مليون ريال وتستردها مليونين بعد عشرين سنة. قد تنخفض الفائدة بسبب أنظمة الرهن العقاري، وبالتالي يُقرض الممول المواطن مليونا ويستعيدها مليونا ونصف بعد عشرين سنة، أو أن المقترض يمكنه اقتراض مبلغ أكبر، فبما أنه كان قادرا على تسديد مليوني ريال خلال عشرين سنة من أجل قرض حجمه مليون ريال، فهو الآن قادر على تسديد المليونين من أجل قرض قيمته مليون وثلاثمئة ألف ريال.

هذا يعني أن السيولة بيد المستثمر في تطوير المساكن والسيولة بيد المستهلك ستزداد، وفي ظل سوق يغلب عليه شح الأراضي المصطنع بسبب الاحتكار، فإن ارتفاع السيولة لن يؤدي لارتفاع نسبة التملك، ولكنه سيؤدي لارتفاع أسعار الأراضي. وما دام الفكر السائد بين ملّاك الأراضي هو بيع أقل قدر ممكن الأراضي بأعلى سعر ممكن، وبما إنه هناك عمليا حالة احتكار لهذه الأراضي فإن تجارها هم المتحكمين في السعر وليس المشتري، لذلك فإن توفر السيولة سيعني أنهم قادرين على بيع مساحات اقل، والحصول على نفس المبلغ الذي يهدفون له، مما يعني فعليا انخفاض في معروض الأراضي وهو عكس ما يهدف إليه مشرعوا نظام الرهن. وهذا الارتفاع سيشمل المستهلك النهائي وسيشمل أيضا المطورين، لأنه لا يمكن للمستثمر تطوير أي مساكن من دون شراء أرض.

لا شك أن أنظمة الرهن العقاري لها أهمية كبيرة ويشكل ركنا أساسيا في اقتصادات الدول المتقدمة، ووسيلة فعالة لتحريك السيولة وتحريرها من العقارات وزيادة نسبة التملك بين المواطنين، ولكن في ظل وجود خلل هيكلي في سوق العقار وهو الاحتكار صريح للأراضي البيضاء، فإن سن نظام الرهن العقاري قبل تحرير الأراضي من الاحتكار لن يكون له أي أثر إيجابي، بل قد تكون آثاره السلبية أكثر من الإيجابية، لذلك فإن سن هذا النظام هو شبيه بأغلب الأنظمة والقرارات المتعلقة بحل أزمة الإسكان والتي صدرت خلال السنتين الماضيتين، والتي كانت بالإضافة للرهن العقاري هروب للأمام بدل مواجهة جوهر مشكلة الإسكان المتمثل باحتكار الأرأضي.

خطبة ونستن تشرشل في احتكار الأراضي

في سنة 1909 ميلادية ألقى رئيس الوزراء البريطاني السابق ونستون تشرشل – وكان وقتها وزيرا للتجارة – خطبة صنفت كأحد أعظم الخطب. وكان يتحدثGreat-Sayings-about-Life-from-Winston-Churchill خلال خطابه عن احتكار الأراضي وأثرها السلبي على الاقتصاد والمجتمع، ويشرح بالتفصيل كيف يتغلغل أثر احتكار الأراضي على كل مناحي التنمية والرفاهية. وهذا هو النص الكامل المترجم لخطبة ونستون تشرشل:

“احتكار الأراضي ليس الاحتكار الوحيد، ولكنه بلا منازع أعظم الاحتكارات، فهو الاحتكار الذي لا ينتهي، وهو أم كل أشكال الاحتكارات الأخرى. الربح غير المستحق الناتج من الأراضي ليس المصدر والشكل الوحيد للأرباح غير المستحقة ولكنه أصل كل مصادر الأرباح غير المستحقة، هذه الأرباح ليست فقط غير نافعة ولكنها أيضا تسبب ضررا على المجتمع. الأرض، التي تمثل حاجة رئيسية لوجود البشر، وهي المصدر الأصلي لكل الثروات، والتي تتوفر بكمية محدودة وتقع في منطقة جغرافية محددة، هذه الأرض تختلف عن كل الاشكال الأخرى من الأملاك.

لا شيء أكثر إمتاعا من مشاهدة جهود محتكري الأراضي بالإدعاء أن الملكيات الأخرى – غير الأراضي – وأرباح هذه الأملاك تتشابه مع الأراضي والأرباح غير المستحقة التي يجنونها منها. يتحدثون عن تزايد الأرباح التي يجنيها الطبيب أو المحامي نتيجة لتزايد السكان في المدينة التي يسكنونها. ويتكلمون عن تزايد أرباح القطارات بسبب تزايد الثروة والنشاط في المناطق التي تمر فيها هذه القطارات. يتحدثون عن الأرباح الناتجة من تزايد أسعار الأسهم والارباح الناتجة من بيع اللوحات الفنية.

لكن، شاهدوا التضليل والخطأ في هذه المقارنات، الأرباح الناتجة من بيع لوحات لفانديك أو هولبين تختلف بشكل كامل. لأن هذه الصور لا تقف عائقا في وجه أحد، ولا تضع تكلفة إضافية على مصاريف أي عنصر منتج. ولا يؤثرون على انتاج أي منشأة، ولا يعيقون الحركة الإبداعية التي تؤثر على المستوى المعيشي للملايين.

عندما ترتفع أسعار الأسهم ويجني أصحابها أرباحا غير متوقعة أو غير مستحقة، فإنهم لا يجنونها على حساب المجتمع ولا من خلال حرمان المجتمع من أراض يحتاجونها، ولكن أصحاب الاسهم يربحون مقابل رأس المال الذي وفروه لقطاع الأعمال ومن دونه لا يمكن أن تستمر أو تنمو هذه الأعمال.

اذا ارتفعت أرباح شركة قطارات فهذا ناتج عن تزايد السلع والركاب التي تنقلها هذه الشركة، ولو زاد دخل الطبيب والمحامي فهو نتيجة لتزايد عدد المرضى الذين يزورون الطبيب وتزايد عدد المرافعات التي يقوم بها المحامي لعملائه. في كل الحالات فإن الطبيب أو المحامي قدم خدمة للمجتمع مقابل العائد الذي تحصل عليه.

من غير المنطقي أن نقارن هذه النشاطات المثرية للمجتمع مع الإثراء التي يحصل عليها مالك العقار الذي صادف أنه يملك أرضا على أطراف مدينة كبرى ويراقب سكان المدينة يعملون على زيادة حجم هذه المدينة وإثرائها وجعلها أكثر راحة وهو جالس في مكانه لا يفعل شيئا.

الطرق والشوارع تُبنى، الخدمات تتطور، الكهرباء تحول الليل لنهار، الماء يتم إحضاره من مكامنه في الجبال من مئات الأميال، بينما يجلس ملاك العقار بلا حراك. كل هذه التحسينات والخدمات تنتج عن عمل وإنفاق الناس ودافعي الضرائب. وفي الوقت الذي لا يسهم محتكري الأراضي بأي من هذه التحسينات تستمر قيمة أراضيهم بالارتفاع. لا يسهم محتكرو الأراضي بأي خدمة للمجتمع، ولا يسهمون بأي منفعة للعامة ولا يسهمون بأي من هذه العوامل التي تؤدي بالنهاية لإثراءه.

فبينما ينتظر مالك الأرض نضوج أرضه حتى يحصل على أرباحه غير المستحقة، يخسر الناس فرصتهم في الاستفادة من الأرض، وتخسر المدينة والدولة الضرائب التي يمكن أن تجنيها لو تم تطوير الأرض بشكل طبيعي، بينما يجلس محتكر الأراضي بلا حراك، يتابع باستمتاع قيمة أرضه ترتفع، وأحيانا ترتفع أضعافا مضاعفة من دون أي مجهود أو إسهام من طرفه.

لنتابع هذه العملية بشكل أكبر، يرتفع عدد السكان أكثر وأكثر، يزداد ازدحام المناطق الفقيرة، ترتفع الإيجارات، وتمتليء المساكن بالعوائل. وأخيرا تصبح الأرض ناضجة للبيع، هذا يعني أن سعر الأرض الآن أصبح مغريا جدا ومن الصعب أن يقاومه مالك الأرض. وفي هذه اللحظة، هذه اللحظة فقط يقوم ببيعها بالقدم أو بالبوصة بعشرة أضعاف أو بعشرين ضعف أو حتى بخمسين ضعف سعرها الأصلي.

كلما ازداد عدد السكان حول هذه الأرض، كلما كان ضرر احتكار الأرض أكبر. وكلما ازدادت المعاناة لدى الجميع وكان الضرر أكثر جسامة على قوة الاقتصاد ونشاطه كلما زاد ربح مالك الأرض عند بيعها. في الواقع، يمكن القول أن هذه الأرباح غير المستحقة التي يجنيها محتكر الأرض تتناسب طرديا ليس مع حجم استفادة المجتمع ولكن مع حجم تضرر المجتمع. إن محور كل هذا هو الاحتكار، وعندما يطغى الاحتكار يزداد الضرر على المجتمع ويزداد ربح المحتكر. هذه العملية الشيطانية تضرب كل أشكال الصناعات والأعمال. بلدية المدينة التي ترغب بأن توسع الشوارع وتزيد حجم المنازل وتجعل البيئة أكثر صحية وتحسن تخطيط المدن تُجبر على دفع مبالغ أكبر بسبب المحتكرين. فكلما حسنت البلدية من المدينة، كلما اضطرت لدفع المزيد مستقبلا بسبب التحسينات التي قامت بها بالماضي وتسببت في رفع أسعار الأراضي الجديدة.

أصحاب المصانع الذين يحاولون بدء صناعة جديدة ليخلقوا الوظائف لآلاف الناس يُجبرون على دفع مبالغ أكبر للأراضي وتحمل مصاريف أكبر وجني أرباح أقل تبطيء نموهم وتقلل من قدرتهم التنافسية، ويصل ضرر هذه التكاليف الإضافية للرواتب التي يدفعها لموظفيه. فأرباحه تنخفض بسبب تكاليف الأرض ويعجز عن دفع رواتب عالية، وموظفيه يطلبون رواتب أكبر لتغطية ارتفاع الإيجارات.

أيا كان المثال الذي تختاره، ستلاحظ أن كل المجالات التي تسهم في التنمية تمر أولا على المحتكر، ليأخذ لنفسه نصيبا منها. وكلما أراد شخص أو جهة عامة الاستفادة من أرض بالشكل الأمثل فإنها مجبرة على دفع مبلغ لقيمة الأرض لرجل كان لا يستفيد من الأرض بشكل كامل أو لا يستفيد منها إطلاقا.

كل هذا عائد لقيمة الأرض ومالكها الذي يستطيع فرض تكلفة إضافة على كل أشكال الثروة الأخرى وكل أشكال الصناعة. وفي بعض الأحيان يستأثر بكل القيمة المضافة التي يقدمها المجتمع. فعندما ترتفع رواتب الموظفين فإن الإيجارات يمكنها الارتفاع أيضا، لأن الموظف أصبح قادرا على دفع مبلغ أكبر. وعندما يتم إطلاق سكة حديد جديدة أو مترو أو عندما تطور أحد المؤسسات من خدماتها وتخفض التكاليف أو عندما يقدم اختراع جديد قيمة إضافية لسكان أي منطقة وتصبح حياتهم أسهل وأوفر فإن مالك العقار يمكنه أن يجبرهم على دفع مبالغ أكبر مقابل العيش بتلك المنطقة.

قبل بضع سنوات في لندن، كان هناك رسوم يدفعها كل من يقطع أحد الجسور التي تمر بنهر التايمز، وكل العاملين الذين كانوا يسكنون في الضفة الجنوبة للنهر كان عليهم دفع بنس واحد عند المرور بهذا الجسر. وكان مشهد هؤلاء المساكين وهم يدفعون جزءا كبيرا من دخلهم مستفزا لضمير العامة، مما دفع مسؤولي البلدية بالنهاية لإلغاء هذه الرسوم وتحميلها على دافعي الضرائب، وأصبح المرور من الجسر مجانيا. كل من كان يستخدم الجسر يوميا استطاع الآن توفير ستة بنسات أسبوعيا، ولكن خلال فترة قصيرة ارتفعت أسعار الإيجارات في الضفة الجنوبية بمقدار ستة بنسات اسبوعيا أي بما يعادل المبلغ الذي تم تخفيضه للمارين من الجسر. كل هذا بسبب الأراضي، فمالك الأرض يمكنه امتصاص جزء من كل تحسين عام أو خاص، مهما كان كان هذا التحسين كبيرا أو صغيرا.

أتمنى أن تفهموا أنني عندما أتكلم عن محتكري الأراضي فأنا أصف الوضع ولا أصف المحتكر نفسه، الذي يكون في كثير من الأحيان شخصا جيدا وفي الغالب غير واع بالطرق التي يثري بها نفسه، وأنا لا أحاول أن أوجه غضب الناس تجاه طبقة معينة. لا أعتقد أن الرجل الذي يحصل على ربح غير مستحق من الأراضي هو أسوأ أخلاقيا من أي شخص آخر يجني الربح بشكل مستحق. نحن لا نهاجم الأشخاص، بل نهاجم النظام. المشكلة ليست بالأشخاص، ولكن المشكلة بالنظام. محتكر الأرض ليس هو من يستحق اللوم على فعل شيء يسمح به القانون ويفعله الآخرون. ولكن الدولة هي من تستحق اللوم إذا لم تُقدم على إصلاحات في القوانين وتصحح المسار. لا نريد معاقبة ملاك العقار ولكننا نريد تعديل القانون.”

(النص الأصلي باللغة الإنجليزية للخطبة)

(المقال منشور بجريدة اليوم)

بين مزادين

خلال عشرة أيام أقيم مزادين في المنطقة الشرقية، الأول كان مزاد مخطط درة الخليج في بالعزيزية الذي بلغت مساحته 1.4 مليون متر مربع، والثاني كان مزاد الفاخرية 2 في الدمام والذي بلغت مساحته 3 ملايين متر مربع، في مزاد درة الخليج تراوحت أسعار المتر المربع بين 380 و 1000 ريال، واستطاع كثير من المواطنين الأفراد الراغبين في تملك أرض لبناء مسكن عليها من شراء أرض بأسعار مناسبة لميزانياتهم، خاصة أن المخطط مطوّر وجاهز للاستخدام والبناء عليه. في المقابل كان أقل سعر للمتر المربع في مخطط الفاخرية 1000 ريال، ولم يتمكن غالبية الحضور من المواطنين – او المستهلكين الفعليين – من شراء أراضي تمكنهم من استخدامها والبناء عليها، ذلك على الرغم من أن أراضي الفاخرية لم يتم الانتهاء من تطويرها بعد وتحتاج لأكثر من ستة أشهر حتى تكون جاهزة.

ماهو الفارق الجوهري الذي أدى لهذا الاختلاف الكبير بين المزادين؟ رغم أنهما أقيما في وقت متقارب؟ حسب الحاضرين لكلا المزادين فقد كان أغلب المشترين في مزاد الفاخرية من كبار تجار الأراضي بل أن بعضهم كانوا من ملّاك المخطط! وكانت الصفقات تتم بالبلوكات، بل أنه في كثير من الصفقات كان يباع أكثر من 10 بلوكات في نفس الصفقة، ويتجاوز حجمها أحيانا 150 مليون ريال، وهذا كان سببا كافيا لاستحالة أن يشتري المواطن العادي أي قطعة أرض في مزاد الفاخرية، بينما كان الوضع مختلفا لحد كبير في مزاد درة الخليج، حيث تم بيع كثير من القطع الصغيرة مباشرة للمستهلك النهائي، وغاب كثير من التجار عن شراء البلوكات الكبيرة، مما دفع الأسعار لوضعها شبه الطبيعي.

في الوقت الذي يعجز فيه كثير من المواطنين من امتلاك أرض لبناء مسكن عليها، نجد أن هناك خللا واضحا في المزادات العقارية يزيد من تعقيد الأزمة، وهذا الخلل من السهل جدا تصحيحه لو تدخلت وزارة التجارة في تنظيم هذه المزادات والإشراف عليها ووضع الضوابط التي تضمن حقوق المساهمين من جهة كما تضمن حقوق المستهلكين، وتعمل على رفع الاحتكار والمبالغة في الأسعار. أولى الخطوات المطلوبة لضبط هذه المزادات هي منع ملّاك المخططات الأصليين من المشاركة في المزادات، ليس من السائغ لا عقلا ولا شرعا – لوجود شبهة النجش – أن يشارك مالك السلعة أو الشريك فيها في مزاد على السلع. فإما أن يحدد سعرا ثابتا يعرضه للجميع، وإما أن يعرضه في مزاد علني ولا يشارك فيه إطلاقا. كما يجب أن يفرض على منظمي المزادات أن يبيعوا قطع الأراضي بشكل منفرد وليس على شكل بلوكات، فلا يمكن للمستهلك العادي أن يشتري بلوكا كاملا. كما يجب أن يتم الحرص والتأكد من أن الجميع يدفع قيمة مزايدته، فما يحدث حاليا أن كبار التجار لا يفرض عليهم الدفع النقدي بعد نهاية المزاد، على عكس صغار المشترين الذين يشترط عليهم دفع جزء كبير من المبلغ، مما يعطي أفضلية – دائما – لمن لا يحتاج لدفع أي مبلغ.

ضامن… وصب الزيت على النار

أعلن صندوق التنمية العقاري الأسبوع الماضي عن توقيع اتفاقية برنامج “ضامن” مع أحد البنوك المحلية، ويهدف البرنامج حسب تصريح المسؤولين لتسريع عملية الحصول على القرض العقاري وزيادة حجم التمويل لمن يملكون الملاءة المالية. ورغم وجود بعض الغموض بتفاصيل الاتفاقية إلى أنه بناء على ما نشر فإن البرنامج يفترض أن يقلص من قوائم الانتظار في صندوق التنمية العقاري من خلال برنامج تم تسميته (القرض المعجّل). كما أن الاتفاقية ستسمح لأصحاب الملاءة المالية الجيدة بأخذ قرض يزيد على 500 ألف ريال من خلال برنامج آخر تم تسميته (التمويل الإضافي).

التأثير المباشر لهذا البرنامج إذا تم البدء بتطبيقه – وهو بدأ فعلا حسب ما ينشر بالصحف – أن الطلب على المساكن سيرتفع، لأن القدرة الشرائية زادت عند المستهلكين، فمع (القرض المعجّل) لو كان إجمالي من يقرضهم صندوق التنمية سنويا هو 30 ألف على سبيل المثال فإن عددهم سيكون 50 ألف. ولو كان معدل الإقراض لكل مستفيد 500 ألف ريال قبل برنامج “ضامن” فإنه سيكون ربما 650 ألف نتيجة لـ(التمويل الإضافي)، كل ذلك سيؤدي لصب الزيت على النار في سوق ملتهب أصلا، وسترتفع أسعار الوحدات السكنية والأراضي السكنية بشكل يتناسب مباشرة مع الزيادة في السيولة التي دخلت السوق من خلال المستفيدين من صندوق التنمية العقاري وبرنامج ضامن. وهو نفس ما حدث بعدما رفع الصندوق قيمة القرض لـ500 ألف ريال بعد أن كان 300 ألف ريال فقط. حيث ارتفعت أسعار الأراضي أكثر، كما ارتفعت أسعار شقق التمليك بنسبة كبيرة وكثير منها ارتفع بنفس نسبة زيادة القرض، أي أرتفع 200 ألف ريال.

يجب أن يعي المسؤولون بشكل واضح أن المشكلة الرئيسية للإسكان ليست نقص السيولة أو انعدام التمويل لدى الراغبين بامتلاك سكن. المشكلة التي نواجهها هي مشكلة شح مصطنع للأراضي ناتج عن الاحتكار. وعندما يكون هناك شح في سلعة معينة، فكيف ستفيد زيادة القوة الشرائية في حل هذا الشح!؟ الشح الذي نواجهه بسبب الاحتكار لا يمكن حله إلا بكسر الاحتكار. وكسر الاحتكار لا يكون إلا من خلال نزع الأراضي المحتكرة أو زيادة تكلفة الاحتفاظ بها من خلال الرسوم أو جباية الزكاة، وأي محاولة للحوم حول المشكلة من دون العمل على علاج جذورها لن يجدي نفعا وسيسهم في استمرار معاناة الناس أو حتى زيادتها كما هو حاصل في برنامج (ضامن).

(المقال منشور في جريدة اليوم)