Monthly Archives: سبتمبر 2014

هيئة كبار العلماء وتأجيل رسوم الأراضي

فوجيء المواطنون يوم الثلاثاء بقرار هيئة كبار العلماء بإحالة قرار رسوم الأراضي البيضاء إلى المجلس الاقتصادي الأعلى. وبينما كان التفاؤل سائدا قبل يوم من تسرب القرار، ساد الإحباط الشديد غالبية المواطنين الذين ما زالوا يعانون من عجزهم عن امتلاك سكن ويعانون من الارتفاعات المستمرة لأسعار الإيجارات.

كنا نتمنى ونتوقع أن يوافق أعضاء الهيئة على قرار الرسوم لما فيه من فوائد اقتصادية واضحة لا تخطئها العين، وأهمها كسر احتكار الأراضي وجعل أسعارها في متناول المواطنين وفي متناول المطورين وفي متناول وزارات الدولة أيضا. فقد وصلت الأسعار لمستويات غير مقبولة ولا معقولة، ليس لأن الطلب أكثر من الأراضي المتوفرة في النطاقات العمرانية، ولكن لأن محتكري الأراضي ما زالوا يكنزون أموالهم في تلك الأراضي لسنوات طويلة، ويحرمون الاقتصاد من سلعة مهمة وحيوية تعتمد عليها قطاعات كثيرة ويحتاجها كل مواطن ومستثمر.

أما من يروجون لحلول أخرى غير كسر احتكار الأراضي، سواء كان هذا الترويج لمصالح شخصية أو جهلا بحقيقة الوضع وبآليات الاقتصاد. فهم يظلمون المجتمع ويظلمون وطنهم قبل ذلك. أزمة السكن مستمرة ما دام الاحتكار مستمرا، وهذا الاحتكار ليس له علاج إلا الرسوم.

إحالة القرار للمجلس الاقتصادي الأعلى لن يكون نهاية المطاف في حملة المطالبة بفرض الرسوم، ونتمنى أن تكون غاية الهيئة في تلك الإحالة هو التأكد من الجهات الاقتصادية المختصة بأن تلك الرسوم ستسهم فعلا في حل أزمة السكن، وأن الهيئة سيكون ردها بالموافقة الفورية إذا رأت جهات الاختصاص – وهذا هو المتوقع – فاعلية تلك الرسوم في تخفيض أسعار الأراضي.

وحتى لو رفضت الهيئة القرار، فإن للسلطات العليا الصلاحية في أن تفرضه للمصلحة العامة، فالهيئة في نهاية المطاف جهة استشارية وليست تشريعية، والقوانين يمكن أن تفرض من دون المرور على هيئة كبار العلماء

هل سنقود السيارة الكهربائية فعلا؟

خلال مؤتمر في النرويج، وجه أحد الحضور سؤالا لرئيس أرامكو خالد الفالح: ماذا سيحدث إذا قاد العالَمُ سيارات تعمل بالطاقة الكهربائية؟ فرد الفالح: سنقودها أيضا.

كتب البعض عن جواب الفالح من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ودار نقاش حول مغزى هذا الرد ومقصده. فكان رأي الكثيرين أن هذا الرد موفق، والسبب – حسب رأيهم – أن السيارات الكهربائية ستحتاج بطبيعة الحال إلى طاقة كهربائية، وأن هذه الطاقة الكهربائية يتم توليدها من خلال النفط، بالتالي لو تحول العالم لقيادة السيارات الكهربائية فإن ذلك لن يؤثر على حجم الطلب على النفط وبالتالي لن تتأثر أسعار النفط. دعونا نتحقق من صحة هذا التحليل.

لنتحقق أولا من الافتراض الرئيسي الذي يعتمد عليه تحليلهم وهو أنّ: “غالبية الطاقة الكهربائية يتم توليدها من خلال النفط”. بالعودة إلى بيانات الوكالة الدولية للطاقة، نجد أن أقل من 5% من الطاقة الكهربائية يتم توليدها من النفط، بينما يتم توليد بقية الطاقة الكهربائية من خلال مصادر أخرى كالفحم (41%) والغاز (22%) والمصادر الهيدروليكية (16%) والمحطات النووية (12%) وغيرها بنسب أقل. أي أن النفط يحتل مرتبة متأخرة جدا في توليد الطاقة الكهربائية، وغالبية الطاقة التي يتم توليدها باستخدام النفط تتم في دول نفطية أصلا كالسعودية ودول الخليج. أما الغاز، فنحن لا نصدر الغاز، ولا نكاد نجد ما يكفي للاستخدام الداخلي سواء لتوليد الطاقة الكهربائية محليا أو لاستخدامه في الصناعات البتروكيماوية.

إذا كان النفط لا يستخدم في توليد الطاقة الكهربائية إلا بنسب قليلة، فسيكون السؤال البديهي التالي: ما نسبة استهلاك وسائل النقل للنفط من إجمالي الاستهلاك العالمي؟ الجواب حسب أرقام وكالة الطاقة الدولية هو: 62.3%. أي أن حوالي ثلثي النفط الخام الذي يتم إنتاجه يوميا يتم استهلاكه في وسائل النقل وخاصة السيارات. باختصار: لو تغير وقود كل السيارات في العالم إلى الكهرباء فستنهار أسعار النفط وقد لا تتجاوز 20 دولارا للبرميل.

بالتأكيد لن يحدث ذلك في يوم وليلة، ولكن مع ارتفاع أسعار النفط مؤخرا، ازداد الاهتمام بالسيارات الكهربائية وبدأت بعض النجاحات الحقيقية في الظهور في صناعة هذه السيارات، أشهرها سيارة تسلا الأمريكية، التي أسسها أيلون مسك الذي أسس أيضا خدمة بي بال. واستطاعت هذه السيارة أن تحقق نجاحا كبيرا في أمريكا. نجاح شركة تسلا سيغري عشرات الشركات في العالم لمحاكاة تجربتهم مما يعني زيادة أكبر في إنتاج تلك السيارات وزيادة في انتشارها. وقد تمر علينا السنوات ونفاجأ بعدها أن العالم استغنى تماما عن استخدام النفط في وسائل النقل.

قد نكون قادرين على قيادة السيارات الكهربائية أو حتى السيارات النووية. ولكن السؤال المهم: هل سنتمكن من شرائها؟