Monthly Archives: نوفمبر 2011

نطاقات… الشفافية ضمان النجاح

بدأت وزارة العمل هذا الأسبوع تطبيق مرحلة جديدة من برنامج نطاقات، حيث بدأ منع الشركات الواقعة في النطاق الأحمر من إصدار وتجديد رخص العمل للعمالة الوافدة، ومع هذا المنع ستتضرر الكثير من الشركات الواقعة في النطاق الأحمر والتي فشلت في تحقيق نسب السعودة المطلوبة، وقد تعلن بعض هذه الشركات عدم قدرتها على الإستمرار بالعمل وتغلق أبوابها. بعض المتضررين لم يخالفوا القانون قط، وتعمل منشآتهم في عمل شريف ويقدمون خدمة حقيقية للمجتمع، والبعض الآخر – وهم الأغلب – يتاجرون بالتأشيرات أو يتسترون على المالك الحقيقي للمنشأة وعلى الأرجح لا يقدمون أي قيمة مضافة، في جميع الأحوال، تطبيق نطاقات سيكون له تكلفة اجتماعية واقتصادية، وهي تكلفة يجب على الجميع تحملها، لأن خطر البطالة والعمل على القضاء عليه أهم من أي شيء آخر، ولكن مقابل هذه التكلفة المرتفعة، يجب أن يكون هناك توعية وشفافية تبرز المنافع التي حصدها المجتمع من هذا البرنامج.

الشفافية هي الطريقة الأفضل للوقوف في وجه أي موجة متوقعة من الهجوم على برنامج نطاقات، والذي سيقوده المتضررون من تطبيق النظام، فمن خلال الشفافية والوضوح يمكن للمجتمع وصناع الرأي معرفة التأثير الإيجابي لنطاقات – إن وجد. وأحد نماذج هذه الشفافية المطلوب هو إصدار تقرير شهري ينشر بالصحف عن كل الأرقام المتعلقة ببرنامج نطاقات، على سبيل المثال: نشر جدول لجميع النطاقات والقطاعات تبين عدد التأشيرات التي تم إصدراها لكل نطاق وكل قطاع، وعدد التأشيرات التي تم الإستغناء عنها، بالإضافة لعدد السعوديين الذين تم توظيف في كل قطاع ونطاق، ونشر معدل رواتب من تم توظيفهم، ويمكن من خلال هذه الأرقام استخلاص الرقم الإجمالي لعدد السعوديين الذين تم توظيفهم بكل القطاع الخاص لهذا الشهر وعدد الوافدين الذين تم الإستغناء عنهم أو توظيفهم.

هذه الأرقام ستجعل الناس تلمس نجاح البرنامج بشكل مباشر، خاصة إذا تمكن البرنامج من توفير عدد كبير من الوظائف للسعوديين، كما ستسهم الشفافية في أن يطمئن أصحاب الأعمال المتضررة أن الجميع يتحمل نفس الضرر. هذا البرنامج – نطاقات – يعد أحد أهم المشاريع الاقتصادية الاستراتيجية، ويجب العمل بكل السبل الممكنة لإنجاحه وضمان استمراره، وافضل هذه السبل هو الشفافية.

(المقال منشور في جريدة اليوم)

الرد الصاعق على كل بيض ناعق

(تعريف البيض: هو مسمى يطلق على مجموعة في تويتر عرفت بالكذب والبهتان والإفتراء على الناس. تكتب عادة بأسماء وهمية ولا تغير صورتها (تترك صورة البيضة في تويتر) ولذلك تم تسميتهم بالبيض.)

شن مجموعة من البيض في تويتر في الأيام الأخيرة حملة تشويه مريضة. استهدفتني واستهدفت وليد ابوالخير. وقد بث البيض من خلال هذه الحملة كل أنواع الإفتراءات والكذب الممجوج والواضح. واعتمد البيض في حملته على نشر صور (حقيقية) ثم نسج قصص (خيالية) حول هذه الصور. وسأوضح من خلال هذه التدوينة الحقائق حتى لا يستغل هؤلاء البيض هذه الصور للتشويش. فهؤلاء بعد أن عجزوا عن مقارعة الحجة بالحجة. بدأوا بالشخصنة والتشويه الكاذب.

اعتمد البيض على صور أخذت في مكانين:

1- الأولى خلال محاضرة لي مع خالد الناصر في منتدى الثلاثاء الثقافي. وكان عنوان الندوة (شبكات التواصل الاجتماعي ودورها في التغيير). تفاصيل الندوة هنا

2- الثانية في ندوة ثقافية نظمها منتدى الأربعاء الثقافي واستضاف محمد سعيد طيب. تفاصيل الندوة هنا

ومن خلال الصور التي أخذت في هذه الندوتين اختلق البيض قصصا وهمية واتهامات لا علاقة لها بالمناسبتين. وبالمناسبة: لم تكن أي من الندوتين في العوامية. بل أنني (لم أزر العوامية بحياتي من قبل ولا أعرف الطريق لها)

فالندوة الأولى عن شبكات التواصل الإجتماعي هي محاضرة و(ليست دورة تدريبية). وهي مفتوحة وعلنية ويمكن لأي شخص حضورها. ونفس موضوع الندوة قمت بتقديمه في جدة والرياض والدمام. وكل ما طرح فيها يطرح في كل مكان. أحد أمثلة نجاح الإعلام الجديد التي ذكرتها بالندوة: كيف أنقذ مستخدمو تويتر طفلة كانت محتجزرة في مستشفى بسبب عدم دفع الفواتير! والندوة أقيمت في منتدى الثلاثاء بالقطيف – التي تبعد عشر دقائق عن منزلي بالدمام – وهو أحد أشهر المنتديات الثقافية بالمنطقة. وفي هذا المنتدى قام عدد كبير من المسؤولين والعلماء (سنة وشيعة) بتقديم محاضرات مختلفة. وهذه قائمة ببعض من قدموا ندوات في هذا المنتدى:

  1. الشيخ محمد صالح الدحيم (قاضي وزارة العدل السابق في الرياض) – تفاصيل
  2. الشيخ عبدالرحمن المحرج (بكالريوس شريعة من جامعة محمد بن سعود وماجستير التشريع الجنائي الإسلامي من أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية) – تفاصيل
  3. الدكتور مسفر القحطاني (رئيس قسم الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن) – تفاصيل
  4. الدكتور خالد الشيباني (المدير العام التنفيذي لمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام) – تفاصيل
  5. الأستاذ سعد القحطاني (رئيس شركة أرباح المالية) – تفاصيل
  6. الأستاذ محمد بودي (رئيس النادي الثقافي بالدمام) – تفاصيل

وهذه بعض الصور لبعض الندوات التي أشرت لها:

n1n2n4n5

 

أما الندوة الثانية التي أُخذت فيها الصورة. فكانت في منتدى الأربعاء الثقافي واستضاف الشخصية الوطنية المعروفة محمد سعيد طيب الذي حضر من جدة. وكانت الندوة علنية ومفتوحة لكل من يرغب الحضور وحضرها عدد كبير من الصحفيين والشخصيات المعروفة، منها على سبيل المثال: قينان الغامدي (رئيس تحرير صحيفة الشرق)، علي الدميني، مصطفى الحسن، فوزية العيوني. وتم تغطية الندوة من قبل جريدة عكاظ ونشر موضوع عنها، فهل كانت عكاظ تغطي إجتماعا يتآمر على الدولة؟. التفاصيل . أما صور الشباب التي أخذت بعد الندوة. فهي صور عادية وبعض من في بالصور لم ألتقي بهم قبل تلك الندوة. وحسن النمر الذي ظهرت صورته مع وليد أبو الخير. يختلف عن (نمر النمر) شيخ العوامية. ويعرف عن حسن النمر اعتداله بل أنه كان من أوائل الموقعين على بيان يندد بالعنف في العوامية. ويتواجد حسن النمر بتويتر (صفحة حسن النمر) لمن أراد نقاشه مباشرة. كما أن عائلة النمر التي ينتمي لها تختلف عن عائلة نمر النمر. فنمر النمر من القطيف وحسن النمر من الأحساء.

صورة لتغطية جريدة عكاظ

n6

 

وقبل أن أختم، وددت أن اقول أنه من الحماقة كيل التهم ونسج القصص والطعن والتخوين من خلال الصور. لأننا بهذا الأسلوب سنخون نصف الشخصيات في المجتمع. ولو استخدمنا نفس الأسلوب المريض هذا، فهل سنخون الشيخين سعد البريك والشيخ عوض القرني لأنهم جالسوا شيخا شيعيا؟ أي منطق هذا!؟

n9

الختام
لماذا الهجوم؟ وماهي الدوافع؟ من خلال الهجوم يتضح بشكل واضح الربط بين التشويه وفيلم مونوبولي فعناوين كل أخبار التشويه كانت تذكر اسم مونوبولي. رغم أن أحد من فريق مونوبولي لم يكن بالصور ولم يحضروا أيا من هذه الندوات. وهذا قد يدل أن هذه الحملة يقف خلفها جهات متضررة من الزخم الذي تسبب فيه فيلم مونوبولي. ووجود تهديد حقيقي حاليا لمصالحهم بعد أن بدأت الدولة تبحث بشكل جدي سن أنظمة تحد من قبح الإحتكار الحاصل في الأراضي. كما تهدف الحملة لإشغالنا بقضايا ثانوية شخصية حتى لا نجد وقتا للاستمرار في حملة مكافحة احتكار الأراضي. وبالتأكيد هذه المحاولة لن تنجح. وليس لدي أي نية في كتابة أي شي يتعلق بحملة التشويه أو الرد على أي شخص يتكلم عن القضية بعد هذه التدوينة. فكل الأمور واضحة ولا تحتاج لتبيان أكثر. كما أنه ليس لدي شيء أخفيه، وأكبر دليل على ذلك أن أقصى ما استطاع البيض إخراجه هو معلومات كاذبة وملفقة، رغم أنهم قادرين على الوصول لكل معلومة عني، ولكن لم يجدوا ولن يجدوا شيئا.

أثرياؤنا وأثرياؤهم

نشر تقرير بالأيام الماضية عن مجموع ثروات أثرى اثرياء السعودية، وقد ذكر التقرير أن 1225 سعوديا يملكون أكثر من 851 مليار ريال، وهو رقم ضخم لا يعكس حجم الاقتصاد المحلي، ويدل على خلل في هيكل الاقتصاد يتسبب في تركيز الثروة في يد قلة تعيش في ثراء فاحش وتُكدس الثروات بينما تعاني شريحة كبيرة من المواطنين، وهذه المعاناة ترتبط في كثير من الأحيان بمن يحتكرون هذه الثروات، فبعض هؤلاء الأثرياء تجدهم يشتاطون غضبا لدى سماع أي قرار يمس مصالحهم، وعلى رأس هذه القرارات قرارات السعودة التي تسهم بحل القنبلة الموقوتة وهي البطالة، لأن تطبيق قرار كهذا قد يقلل من هوامش أرباح شركاتهم، بالإضافة إلى ردة الفعل شديدة السلبية تجاه مقترح رسوم الأراضي الذي يسهم بعلاج أزمة الأسكان ويكسر احتكار الأراضي، حيث أن تجارة الأراضي هي التجارة المفضلة لكثير منهم حيث أنها لا تحتاج أي مجهود وتكاد تنعدم فيها المخاطر وتدر أرباحا كبيرة جدا.

في المقابل نجد أن أحد أشهر أثرياء العالم – الأمريكي وارن بافيت، يكتب مقالا كاملا في النيويورك تايمز يوجهه للحكومة الأمريكية عنوانه: “أوقفوا تدليل الأثرياء”. وسأنقل بعض المقتطفات من مقاله حيث يفتتح وارن بافيت مقاله بقوله:” قادتنا طلبوا من الناس التضحية، ولكنهم عندما طلبوا ذلك نسوا أن يطلبوا ذلك مني، وعندما سألت أصدقائي الأثرياء عن نوع الألم أو التضحية التي شاركوا فيها أو طُلبت منهم ردوا بأن أحدا لم يطلب منهم شيئا.” ويكمل المقال بقوله: “بينما يقاتل الفقراء وأبناء الطبقة المتوسطة نيابة عنا في أفغانستان، وبينما يعاني الأمريكي في توفير احتياجاته الأساسية، نحصل – نحن الأثرياء – على الإعفاءات الضريبة” ثم يؤكد:” أعرف كثيرا من الأثرياء وغالبيتهم كريموا الخلق، ويحبون أمريكا ويقدرون الفرصة التي منتحهم إياها هذه البلاد. وكثير منهم انضموا للوعد والميثاق بمنح غالبية ثرواتهم للجمعيات الخيرية، وهؤلاء لن يمانعوا لو طلب منهم دفع مزيد من الضرائب، خاصة وهم يشاهدون كثيرا من المواطنين يعانون بشدة.” ويختم المقال بقوله:” أنا وأصدقائي الأثرياء تم تدليلنا لمدة طويلة من قبل الحكومات المحابية للأثرياء، وحان الوقت أن تقوم حكومتنا بإجراء جدي وتشركنا بالتضحية.”

وران بافيت الذي يملك أكثر من 140 مليار ريال، والذي صنف كثالث أغنى رجل بالعالم، لم يكتفي بعدم الإعتراض على أي قرارات قد تمس مصالحه، بل أنه بادر بنفسه لمطالبة الحكومة بإشراكه بالتضحية وذلك برفع الضرائب عليه وعلى أقرانه، وهي مبادرة تحمل في طياتها كل معاني الإنسانية والعطاء والنبل، وجميعها معان هي في جوهر ديننا وقيمنا، فهل نتوقع مبادرة مشابهة من أثرياء وطننا؟ أو على أقل تقدير، هل نتوقع أن لا يعترضوا على أي قرارات قد تؤثر سلبا عليهم ولكنها تنفع المجتمع وتسهم بحل بعض أزماته؟

(المقال منشور في جريدة اليوم)

امتلاك المنازل بالسعودية… هل هو الأصعب في العالم؟

في ظل الإرتفاعات المتزايدة لأسعار المساكن في السعودية يدور النقاش عن واقعية هذه الإرتفاعات من الناحية الاقتصادية. وعن كونها ظاهرة عالمية طبيعية لا تقتصر على السعودية، وقد يقارن البعض أسعار المساكن في بعض دول العالم في محاولة لتبرير الارتفاعات الكبيرة محليا، وتصويرها بأنها نتيجة طبيعية لمتغيرات اقتصادية عالمية. لذلك فإننا سنحاول في هذا المقال أن نلقي الضوء على حقيقة الوضع مقارنة بدول العالم ومدنه الرئيسية. وسنستخدم للقيام بهذه المقارنة معيارا يسمى “مكرر المتوسط لامتلاك المنازل” (Median Multiple) . وهذا المكرر هو متوسط سعر المنزل تقسيم صافي متوسط دخل الأسرة. وهذا المعيار هو المعتمد من قبل البنك الدولي والأمم المتحدة ومراكز الأبحاث في جامعة هارفارد وكثير من الجامعات الأخرى.

حسب معايير البنك الدولي والأمم المتحدة فإن مكرر المتوسط لامتلاك المسكن اذا كان يقل عن 3 فإن المنزل سعره مناسب وصحي من الناحية الاقتصادية. أي أن سعر المنزل – اذا كان المكرر 3 – يساوي مجموع كل رواتب الشخص لمدة ثلاث سنوات، فلو كان راتبه 10,000 ريال، فإن المنزل يكون سعره مناسبا اذا كان يكلف المشتري 360,000 ريال. ولو زاد المكرر عن 3 فإن السعر يعتبر مرتفعا قليلا، أما لو زاد على 5 فهو مرتفع بشدة. وفي دراسة عالمية (7th Annual Demographia International Housing Affordability Survey: 2011)  جُمع فيها مكررات متوسط امتلاك المساكن في عدة مدن عالمية أشارت هذه الدراسة إلى أن متوسط مكرر امتلاك منزل في أمريكا بشكل عام هو 3.0. أما المتوسط في المدن الكبيرة التي يزيد سكانها على مليون نسمة فهو 3.3. والمكرر في نيويورك – أحد أغلى مدن العالم – فهو 6.1 وكان المكرر في لندن 6.5. أما أغلى مدينة بالعالم فهي هونج كونج – بحكم صغر المساحة والشح الحقيقي للأراضي – فإن المكرر كان 11.4.

لنقارن الأرقام السابقة بمكرر متوسط امتلاك منزل في السعودية، متوسط رواتب موظفي الحكومة – وهم يمثلون غالبية المواطنين – هو حوالي 7300 ريال. أما متوسط أسعار المنازل – حسب دراسة للبنك الفرنسي – فهو 1.23 مليون ريال. بناء على هذه الأرقام فإن “مكرر المتوسط” في السعودية هو 14. أي أن الموظف الحكومي يحتاج أن يجمع (كل) راتبه لمدة 14 سنة حتى يتمكن من امتلاك منزل، وهذا الرقم أعلى من كل مدن العالم الرئيسية وأعلى من هونج كونج الأشهر في غلاء المساكن. أما لو قمنا بحساب المكرر باستخدام رواتب موظفي القطاع الخاص – ومتوسطها حوالي 3500 ريال – فإن المكرر سيكون 29. وهو رقم يدل بكل بساطة على استحالة امتلاك منزل لغالبية موظفي القطاع الخاص.

وقد يجادل البعض أن سلوك المستهلك السعودي مقارنة ببقية العالم هو السبب في ارتفاع أسعار المساكن وصعوبة تملكها. وذلك بالمبالغة في المساحات المستخدمة في البناء من دون حاجة حقيقية، لذلك سنقوم بحساب المكررات على افتراض أن المسكن هو شقة صغيرة مساحتها تقل عن 190 متر، حيث تشير دراسة البنك الفرنسي أن متوسط أسعار هذه الشقق هو 574,167 ريال. أي أن مكرر المتوسط بالنسبة للموظف الحكومي لامتلاك شقة مساحتها أقل من 190 متر هو 6.5 وهو أكثر من ضعف المكرر لامتلاك مسكن في أمريكا. وأكثر من مكرر امتلاك مسكن في نيويورك! أما بالنسبة لموظف القطاع الخاص فإن المكرر لامتلاك شقة بمساحة تقل عن 190 متر فهو 13.6. وهذا المكرر لامتلاك تلك الشقة الصغيرة بالنسبة لموظف القطاع الخاص يزيد عن مكرر امتلاك مسكن في أغلى مدن العالم وهي هونج كونج.

يمكننا الاستنتاج من الأرقام السابقة أن ما يحدث بسوق العقار في السعودية هو أمر خارج عن كل النواميس الطبيعية للاقتصاد. وهو يؤكد مرة أخرى ضرورة حل جذور المشكلة، وهي ارتفاع أسعار الأراضي، خاصة أن سعر الأرض أصبح يشكل أكثر من 50% من تكلفة امتلاك المنزل، وبالتالي فهو سبب رئيسي لهذه الارتفاعات غير المبررة، والتي جعلت امتلاك مسكن للغالبية العظمى من المواطنين أمرا مستحيلا.

(المقال منشور في جريدة اليوم)

ثلاثة أورام سرطانية تفتك بجسد الاقتصاد السعودي

يواجه الاقتصاد السعودي العديد من المشاكل، نشأ أغلبها بسبب عيوب اقتصادية هيكلية، أهمها منهج الاقتصاد الريعي الذي كان يدار به الاقتصاد في العقود الثلاثة الماضية، حيث باتت غالبية الأسر السعودية تعتمد على الدولة كمصدر رئيسي للدخل، كما أن غالبية القطاعات الاقتصادية في القطاع الخاص تعتمد على الدعم الحكومي المباشر وغير المباشر لضمان بقائها واستمراريتها. أدى ذلك لتركز غالبية القوى العاملة من السعوديين في القطاعات الحكومية وفتح الباب على مصراعيه للقوى العاملة الوافدة والرخيصة لتشغيل بقية الاقتصادي، والذين تحولوا للمحرك الرئيسي لكل القطاعات الاقتصادية غير الحكومية، ووصلت نسبة العمالة الوافدة – وأغلبها عمالة رخيصة – من إجمالي القوى العاملة في القطاع الخاص أكثر من 90%. الخلل الاقتصادي الثالث بعد انتهاج الاقتصاد الريعي وفتح الابواب على مصاريعها للعمالة الوافدة الرخيصة هو غياب القوانين والأنظمة التي تضمن عدم احتكار الأراضي، بل على العكس فقد كانت هناك بعض الأنظمة التي تسهل تحويل الأراضي البيضاء إلى أوعية استثمارية من دون أي إضافة انتاجية.

كل هذه الأخطاء والعيوب الاقتصادية لم تكن مؤثرة ولم تكن أعراضها بادية للمواطن العادي، فقلة عدد السكان قبل ثلاثين أو عشرين سنة كانت تسهل عملية توزيع ريع الدولة على المواطنين من خلال التوظيف الحكومي أو الدعم الحكومي لبعض القطاعات كالزراعة وغيرها مما يوفر للأسر دخلا مناسبا من دون إنتاجية حقيقية. وأدى ضعف النمو في الإنتاجية إلى جمود في مستويات دخل المواطنين، في المقابل استمرت دول العالم – حتى الدول النامية التي كانت فقيرة جدا – بالنمو واستمرت انتاجيتهم بالارتفاع يوما بعد يوم، وارتفعت نتيجة لذلك مستويات الدخول في كل العالم، ومعها ارتفعت أسعار السلع، ابتداء بالأغذية وانتهاء بالسيارات وغيرها من الضروريات، فبينما كانت الهند تصدر لنا كل انتاجها من الرز عالي الجودة، زادت أعداد الطبقة المتوسطة بالهند وارتفع استهلاكهم الداخلي لهذا الرز وبالتالي ارتفعت أسعار الأرز على المواطن السعودي، ويمكن القياس على ما يحدث في الأرز على غالبية السلع الأخرى. وبالإضافة للجمود في نمو الإنتاجية فإن الدولة قلصت بشدة من مستويات التوظيف الحكومي، وبنفس الوقت ازدادت أعداد الداخلين لسوق العمل من الشباب بشكل كبير، وأصبح القطاع الخاص هو الخيار الوحيد لهم، ولكن القطاع الخاص عاجز عن توظيف الأعداد الكبيرة من الشباب برواتب تتلاءم مع المستويات الاجتماعية السائدة، لأن القطاع الخاص أدمن العمالة الرخيصة، ولا يمكن أن يوقف إدمانه فجأة، فهذا الإدمان استمر لعقود طويلة وبنيت على أساسه كل دراسات الجدوى التي يعمل من خلالها القطاع الخاص، وبسبب ذلك بدأ شبح البطالة يطل برأسه ويبرز كأحد أخطر المشاكل التي تواجه المجتمع وخاصة الجيل الجديد من الشباب الذين يدخلون سن العمل سنويا ويأملون في بدء حياتهم المستقلة وتكوين حياة عائلية مستقرة. وأخيرا فإن مشكلة الأراضي وشحها المصطنع الذي اعتقد أنه لم يخطر ببال أحد قبل ثلاثين سنة أنه سيتسبب بالكارثة التي نعيشها اليوم هي أحد أكثر الأخطاء إيلاما للمواطن السعودي، وهو ألم يستشعره المواطن بشكل يومي، فغالبية الأسر تعاني لامتلاك منزل، وتعاني لدفع الإيجار، وكل ذلك بسبب الارتفاع غير المبرر في أسعار الأراضي الناتج عن احتكار قلة قليلة لهذه الأراضي وغياب الأنظمة التي تقضي على الإحتكار.

البطالة وارتفاع أسعار السلع المستمر لايمكن علاجهم إلا من خلال تغييرات هيكلية في الاقتصاد، تعيد تشكيل السياسات الاقتصادية وتحولنا لاقتصاد منتج قابل للاستدامة لا يعتمد على الطاقة ويستطيع أن ينتج بقدر ما يستهلك. هذه التغييرات ستحتاج لسنوات طويلة حتى تظهر آثارها، لن تقل عن خمس سنوات وقد تتجاوز العشر سنوات. وهي عملية معقدة تحتاج إلى أفضل العقول القادرة على قيادة دفة الاقتصاد وأخذه لبر الأمان. كما أن كل الحلول القادرة على علاج تلك المشكلتين ستتطلب تضحيات كبيرة من الجميع بدون استثناء وستكون فاتورة الإصلاح مؤلمة ومكلفة سياسيا. في المقابل نجد أن مشكلة الإسكان رغم أنها الأكثر إيلاما للمواطن في الوقت الحالي إلا أنها أسهل المشاكل حلا. فلب مشكلة الإسكان هو ارتفاع أسعار الأراضي، وسبب ارتفاع أسعار الأراضي هو احتكارها، وطريقة كسر احتكارها هو جعل تكلفة الاحتفاظ بهذه الأراضي غير المستفاد منها مرتفعا، وزيادة تكلفة الاحتفاظ ممكن من خلال سن الرسوم أو الزكاة على كل من يملك أراض بيضاء تزيد عن حاجته، وعلاج مشكلة الأراضي لن تكون له كلفة سياسية واجتماعية كبيرة كما هو الحال مع بقية الحلول. فالشريحة المتضررة صغيرة جدا، والضرر عليها لن يكون مؤثرا عليهم فغالبيتهم أثرياء، وما يمارسونه من احتكار للأراضي ممارسة غير منتجة بكل الأحوال وقد راكمت هذه الشريحة الصغيرة ثروات ضخمة من دون أن تضيف للاقتصاد شيئا بل أنها أضرت بالاقتصاد بشكل جسيم. كما أن ما يقومون به يشكل ظلما للمجتمع وهو ممارسات غير أخلاقية حتى لو كان القانون يسمح بها.

جذور أسباب الآلام الاقتصادية التي ذكرناها وهي ارتفاع أسعار السلع والبطالة وارتفاع السكن هي أشبه بالسرطانات التي تكونت بدايات أورامها منذ ثلاثين سنة، ولم يشعر بها أحد طوال هذه المدة، حتى تضخمت وكبرت وأصبحت تؤلم جسد الاقتصاد وتزداد إيلاما يوما بعد يوم، وكلما كبرت هذه السرطانات كلما تقلصت الطبقة المتوسطة وزاد الفقر وخُنق الاقتصاد، وإن كان علاج سرطان البطالة وارتفاع الأسعار معقدا، فإن استئصال ورم احتكار الأراضي الذي يتسبب بارتفاع أسعار السكن سهل جدا، ولا يحتاج لجراح ماهر، وستختفي آثار هذا السرطان بمجرد استئصاله وليس لاستئصاله أية أعراض جانبية سلبية، ولذلك فإننا نعتقد أن الأولوية يجب أن تكون لهذا الورم، خاصة أن استئصاله سيمهد لعلاج بقية السرطانات، والتي ستكون أكثر تعقيدا وفترة علاجها ستكون مؤلمة بشدة لكل الجسد، وستتطلب أن يضحي أعضاء الجسد كلهم – بدون استثناء – خلال عملية العلاج، فلا يمكن لهذه العملية – عملية علاج البطالة وارتفاع الأسعار = أن تنجح من دون تضحيات، فإما التضحية وإلا فإن هذه السرطانات ستقتل جسد الاقتصاد، ولكن قبل أن ندخل في العلاج المؤلم، لنبدأ خطوتنا الأولى باستئصال الأسهل وهو سرطان احتكار الأراضي.

(المقال منشور بموقع المقال)

الفكرة الثالثة – اسرقوها: استيراد وبيع حطب مصنوع من القهوة

في استكمال لسلسلة تدوينات بدأتها قبل سنتين بعنوان (أفكار للسرقة) نقدم في هذه التدوينة فكرة جديدة أو فكرة مشروع تجاري للسرقة. والمشروع هو استيراد وبيع منتج موجود بأمريكا وهو عبارة عن قهوة معالجة بشكل خاص للاستخدام في التدفئة. وهو أغلى ثمنا من الحطب العادي ولكنه يسبب تلوثا أقل ومدة تدفئته أكثر كما أن له رائحة أفضل من الحطب العادي. وقد يناسب شريحة المستهلكين ذات القدرة الشرائية المرتفعة. خاصة مع اقتراب موسم الشتاء والرحلات البرية.

 

صورة المنتج:

3hr-JavaLog

موقع المنتج