Tag Archives: الأراضي البيضاء

فتوى الشيخ يوسف الشبيلي بجواز فرض الرسوم على الأراضي لكسر الاحتكار

في حلقة ساعة حوار بخصوص غلاء الأراضي وحلول ارتفاع الأسعار، أفتى الشيخ يوسف بجواز فرض رسوم على الأراضي البيضاء بغرض كسر الإحتكار. بل أنه أضاف أن على التجار دفع الزكاة وأيضا يدفع الرسوم بالإضافة للزكاة. وهذا نص ما قاله الشيخ يوسف الشبيلي:

النوع الثاني من الرسوم هي رسوم لمنع الاحتكار. الغرض منها أن يحمل التاجر الذي يحتكر الأراضي البيضاء لفترة طويلة لا ينتفع بها أحد من الناس ولا يستثمرها وتبقى عالة على البلد فتفرض عليها رسوم لأجل أن يفك هذا الاحتكار أرى أن هذه الرسوم جائزة من الناحية الشرعية” – الدقيقة 16 من الحلقة (شاهد الحلقة هنا)

أثرياؤنا وأثرياؤهم

نشر تقرير بالأيام الماضية عن مجموع ثروات أثرى اثرياء السعودية، وقد ذكر التقرير أن 1225 سعوديا يملكون أكثر من 851 مليار ريال، وهو رقم ضخم لا يعكس حجم الاقتصاد المحلي، ويدل على خلل في هيكل الاقتصاد يتسبب في تركيز الثروة في يد قلة تعيش في ثراء فاحش وتُكدس الثروات بينما تعاني شريحة كبيرة من المواطنين، وهذه المعاناة ترتبط في كثير من الأحيان بمن يحتكرون هذه الثروات، فبعض هؤلاء الأثرياء تجدهم يشتاطون غضبا لدى سماع أي قرار يمس مصالحهم، وعلى رأس هذه القرارات قرارات السعودة التي تسهم بحل القنبلة الموقوتة وهي البطالة، لأن تطبيق قرار كهذا قد يقلل من هوامش أرباح شركاتهم، بالإضافة إلى ردة الفعل شديدة السلبية تجاه مقترح رسوم الأراضي الذي يسهم بعلاج أزمة الأسكان ويكسر احتكار الأراضي، حيث أن تجارة الأراضي هي التجارة المفضلة لكثير منهم حيث أنها لا تحتاج أي مجهود وتكاد تنعدم فيها المخاطر وتدر أرباحا كبيرة جدا.

في المقابل نجد أن أحد أشهر أثرياء العالم – الأمريكي وارن بافيت، يكتب مقالا كاملا في النيويورك تايمز يوجهه للحكومة الأمريكية عنوانه: “أوقفوا تدليل الأثرياء”. وسأنقل بعض المقتطفات من مقاله حيث يفتتح وارن بافيت مقاله بقوله:” قادتنا طلبوا من الناس التضحية، ولكنهم عندما طلبوا ذلك نسوا أن يطلبوا ذلك مني، وعندما سألت أصدقائي الأثرياء عن نوع الألم أو التضحية التي شاركوا فيها أو طُلبت منهم ردوا بأن أحدا لم يطلب منهم شيئا.” ويكمل المقال بقوله: “بينما يقاتل الفقراء وأبناء الطبقة المتوسطة نيابة عنا في أفغانستان، وبينما يعاني الأمريكي في توفير احتياجاته الأساسية، نحصل – نحن الأثرياء – على الإعفاءات الضريبة” ثم يؤكد:” أعرف كثيرا من الأثرياء وغالبيتهم كريموا الخلق، ويحبون أمريكا ويقدرون الفرصة التي منتحهم إياها هذه البلاد. وكثير منهم انضموا للوعد والميثاق بمنح غالبية ثرواتهم للجمعيات الخيرية، وهؤلاء لن يمانعوا لو طلب منهم دفع مزيد من الضرائب، خاصة وهم يشاهدون كثيرا من المواطنين يعانون بشدة.” ويختم المقال بقوله:” أنا وأصدقائي الأثرياء تم تدليلنا لمدة طويلة من قبل الحكومات المحابية للأثرياء، وحان الوقت أن تقوم حكومتنا بإجراء جدي وتشركنا بالتضحية.”

وران بافيت الذي يملك أكثر من 140 مليار ريال، والذي صنف كثالث أغنى رجل بالعالم، لم يكتفي بعدم الإعتراض على أي قرارات قد تمس مصالحه، بل أنه بادر بنفسه لمطالبة الحكومة بإشراكه بالتضحية وذلك برفع الضرائب عليه وعلى أقرانه، وهي مبادرة تحمل في طياتها كل معاني الإنسانية والعطاء والنبل، وجميعها معان هي في جوهر ديننا وقيمنا، فهل نتوقع مبادرة مشابهة من أثرياء وطننا؟ أو على أقل تقدير، هل نتوقع أن لا يعترضوا على أي قرارات قد تؤثر سلبا عليهم ولكنها تنفع المجتمع وتسهم بحل بعض أزماته؟

(المقال منشور في جريدة اليوم)

امتلاك المنازل بالسعودية… هل هو الأصعب في العالم؟

في ظل الإرتفاعات المتزايدة لأسعار المساكن في السعودية يدور النقاش عن واقعية هذه الإرتفاعات من الناحية الاقتصادية. وعن كونها ظاهرة عالمية طبيعية لا تقتصر على السعودية، وقد يقارن البعض أسعار المساكن في بعض دول العالم في محاولة لتبرير الارتفاعات الكبيرة محليا، وتصويرها بأنها نتيجة طبيعية لمتغيرات اقتصادية عالمية. لذلك فإننا سنحاول في هذا المقال أن نلقي الضوء على حقيقة الوضع مقارنة بدول العالم ومدنه الرئيسية. وسنستخدم للقيام بهذه المقارنة معيارا يسمى “مكرر المتوسط لامتلاك المنازل” (Median Multiple) . وهذا المكرر هو متوسط سعر المنزل تقسيم صافي متوسط دخل الأسرة. وهذا المعيار هو المعتمد من قبل البنك الدولي والأمم المتحدة ومراكز الأبحاث في جامعة هارفارد وكثير من الجامعات الأخرى.

حسب معايير البنك الدولي والأمم المتحدة فإن مكرر المتوسط لامتلاك المسكن اذا كان يقل عن 3 فإن المنزل سعره مناسب وصحي من الناحية الاقتصادية. أي أن سعر المنزل – اذا كان المكرر 3 – يساوي مجموع كل رواتب الشخص لمدة ثلاث سنوات، فلو كان راتبه 10,000 ريال، فإن المنزل يكون سعره مناسبا اذا كان يكلف المشتري 360,000 ريال. ولو زاد المكرر عن 3 فإن السعر يعتبر مرتفعا قليلا، أما لو زاد على 5 فهو مرتفع بشدة. وفي دراسة عالمية (7th Annual Demographia International Housing Affordability Survey: 2011)  جُمع فيها مكررات متوسط امتلاك المساكن في عدة مدن عالمية أشارت هذه الدراسة إلى أن متوسط مكرر امتلاك منزل في أمريكا بشكل عام هو 3.0. أما المتوسط في المدن الكبيرة التي يزيد سكانها على مليون نسمة فهو 3.3. والمكرر في نيويورك – أحد أغلى مدن العالم – فهو 6.1 وكان المكرر في لندن 6.5. أما أغلى مدينة بالعالم فهي هونج كونج – بحكم صغر المساحة والشح الحقيقي للأراضي – فإن المكرر كان 11.4.

لنقارن الأرقام السابقة بمكرر متوسط امتلاك منزل في السعودية، متوسط رواتب موظفي الحكومة – وهم يمثلون غالبية المواطنين – هو حوالي 7300 ريال. أما متوسط أسعار المنازل – حسب دراسة للبنك الفرنسي – فهو 1.23 مليون ريال. بناء على هذه الأرقام فإن “مكرر المتوسط” في السعودية هو 14. أي أن الموظف الحكومي يحتاج أن يجمع (كل) راتبه لمدة 14 سنة حتى يتمكن من امتلاك منزل، وهذا الرقم أعلى من كل مدن العالم الرئيسية وأعلى من هونج كونج الأشهر في غلاء المساكن. أما لو قمنا بحساب المكرر باستخدام رواتب موظفي القطاع الخاص – ومتوسطها حوالي 3500 ريال – فإن المكرر سيكون 29. وهو رقم يدل بكل بساطة على استحالة امتلاك منزل لغالبية موظفي القطاع الخاص.

وقد يجادل البعض أن سلوك المستهلك السعودي مقارنة ببقية العالم هو السبب في ارتفاع أسعار المساكن وصعوبة تملكها. وذلك بالمبالغة في المساحات المستخدمة في البناء من دون حاجة حقيقية، لذلك سنقوم بحساب المكررات على افتراض أن المسكن هو شقة صغيرة مساحتها تقل عن 190 متر، حيث تشير دراسة البنك الفرنسي أن متوسط أسعار هذه الشقق هو 574,167 ريال. أي أن مكرر المتوسط بالنسبة للموظف الحكومي لامتلاك شقة مساحتها أقل من 190 متر هو 6.5 وهو أكثر من ضعف المكرر لامتلاك مسكن في أمريكا. وأكثر من مكرر امتلاك مسكن في نيويورك! أما بالنسبة لموظف القطاع الخاص فإن المكرر لامتلاك شقة بمساحة تقل عن 190 متر فهو 13.6. وهذا المكرر لامتلاك تلك الشقة الصغيرة بالنسبة لموظف القطاع الخاص يزيد عن مكرر امتلاك مسكن في أغلى مدن العالم وهي هونج كونج.

يمكننا الاستنتاج من الأرقام السابقة أن ما يحدث بسوق العقار في السعودية هو أمر خارج عن كل النواميس الطبيعية للاقتصاد. وهو يؤكد مرة أخرى ضرورة حل جذور المشكلة، وهي ارتفاع أسعار الأراضي، خاصة أن سعر الأرض أصبح يشكل أكثر من 50% من تكلفة امتلاك المنزل، وبالتالي فهو سبب رئيسي لهذه الارتفاعات غير المبررة، والتي جعلت امتلاك مسكن للغالبية العظمى من المواطنين أمرا مستحيلا.

(المقال منشور في جريدة اليوم)

ثلاثة أورام سرطانية تفتك بجسد الاقتصاد السعودي

يواجه الاقتصاد السعودي العديد من المشاكل، نشأ أغلبها بسبب عيوب اقتصادية هيكلية، أهمها منهج الاقتصاد الريعي الذي كان يدار به الاقتصاد في العقود الثلاثة الماضية، حيث باتت غالبية الأسر السعودية تعتمد على الدولة كمصدر رئيسي للدخل، كما أن غالبية القطاعات الاقتصادية في القطاع الخاص تعتمد على الدعم الحكومي المباشر وغير المباشر لضمان بقائها واستمراريتها. أدى ذلك لتركز غالبية القوى العاملة من السعوديين في القطاعات الحكومية وفتح الباب على مصراعيه للقوى العاملة الوافدة والرخيصة لتشغيل بقية الاقتصادي، والذين تحولوا للمحرك الرئيسي لكل القطاعات الاقتصادية غير الحكومية، ووصلت نسبة العمالة الوافدة – وأغلبها عمالة رخيصة – من إجمالي القوى العاملة في القطاع الخاص أكثر من 90%. الخلل الاقتصادي الثالث بعد انتهاج الاقتصاد الريعي وفتح الابواب على مصاريعها للعمالة الوافدة الرخيصة هو غياب القوانين والأنظمة التي تضمن عدم احتكار الأراضي، بل على العكس فقد كانت هناك بعض الأنظمة التي تسهل تحويل الأراضي البيضاء إلى أوعية استثمارية من دون أي إضافة انتاجية.

كل هذه الأخطاء والعيوب الاقتصادية لم تكن مؤثرة ولم تكن أعراضها بادية للمواطن العادي، فقلة عدد السكان قبل ثلاثين أو عشرين سنة كانت تسهل عملية توزيع ريع الدولة على المواطنين من خلال التوظيف الحكومي أو الدعم الحكومي لبعض القطاعات كالزراعة وغيرها مما يوفر للأسر دخلا مناسبا من دون إنتاجية حقيقية. وأدى ضعف النمو في الإنتاجية إلى جمود في مستويات دخل المواطنين، في المقابل استمرت دول العالم – حتى الدول النامية التي كانت فقيرة جدا – بالنمو واستمرت انتاجيتهم بالارتفاع يوما بعد يوم، وارتفعت نتيجة لذلك مستويات الدخول في كل العالم، ومعها ارتفعت أسعار السلع، ابتداء بالأغذية وانتهاء بالسيارات وغيرها من الضروريات، فبينما كانت الهند تصدر لنا كل انتاجها من الرز عالي الجودة، زادت أعداد الطبقة المتوسطة بالهند وارتفع استهلاكهم الداخلي لهذا الرز وبالتالي ارتفعت أسعار الأرز على المواطن السعودي، ويمكن القياس على ما يحدث في الأرز على غالبية السلع الأخرى. وبالإضافة للجمود في نمو الإنتاجية فإن الدولة قلصت بشدة من مستويات التوظيف الحكومي، وبنفس الوقت ازدادت أعداد الداخلين لسوق العمل من الشباب بشكل كبير، وأصبح القطاع الخاص هو الخيار الوحيد لهم، ولكن القطاع الخاص عاجز عن توظيف الأعداد الكبيرة من الشباب برواتب تتلاءم مع المستويات الاجتماعية السائدة، لأن القطاع الخاص أدمن العمالة الرخيصة، ولا يمكن أن يوقف إدمانه فجأة، فهذا الإدمان استمر لعقود طويلة وبنيت على أساسه كل دراسات الجدوى التي يعمل من خلالها القطاع الخاص، وبسبب ذلك بدأ شبح البطالة يطل برأسه ويبرز كأحد أخطر المشاكل التي تواجه المجتمع وخاصة الجيل الجديد من الشباب الذين يدخلون سن العمل سنويا ويأملون في بدء حياتهم المستقلة وتكوين حياة عائلية مستقرة. وأخيرا فإن مشكلة الأراضي وشحها المصطنع الذي اعتقد أنه لم يخطر ببال أحد قبل ثلاثين سنة أنه سيتسبب بالكارثة التي نعيشها اليوم هي أحد أكثر الأخطاء إيلاما للمواطن السعودي، وهو ألم يستشعره المواطن بشكل يومي، فغالبية الأسر تعاني لامتلاك منزل، وتعاني لدفع الإيجار، وكل ذلك بسبب الارتفاع غير المبرر في أسعار الأراضي الناتج عن احتكار قلة قليلة لهذه الأراضي وغياب الأنظمة التي تقضي على الإحتكار.

البطالة وارتفاع أسعار السلع المستمر لايمكن علاجهم إلا من خلال تغييرات هيكلية في الاقتصاد، تعيد تشكيل السياسات الاقتصادية وتحولنا لاقتصاد منتج قابل للاستدامة لا يعتمد على الطاقة ويستطيع أن ينتج بقدر ما يستهلك. هذه التغييرات ستحتاج لسنوات طويلة حتى تظهر آثارها، لن تقل عن خمس سنوات وقد تتجاوز العشر سنوات. وهي عملية معقدة تحتاج إلى أفضل العقول القادرة على قيادة دفة الاقتصاد وأخذه لبر الأمان. كما أن كل الحلول القادرة على علاج تلك المشكلتين ستتطلب تضحيات كبيرة من الجميع بدون استثناء وستكون فاتورة الإصلاح مؤلمة ومكلفة سياسيا. في المقابل نجد أن مشكلة الإسكان رغم أنها الأكثر إيلاما للمواطن في الوقت الحالي إلا أنها أسهل المشاكل حلا. فلب مشكلة الإسكان هو ارتفاع أسعار الأراضي، وسبب ارتفاع أسعار الأراضي هو احتكارها، وطريقة كسر احتكارها هو جعل تكلفة الاحتفاظ بهذه الأراضي غير المستفاد منها مرتفعا، وزيادة تكلفة الاحتفاظ ممكن من خلال سن الرسوم أو الزكاة على كل من يملك أراض بيضاء تزيد عن حاجته، وعلاج مشكلة الأراضي لن تكون له كلفة سياسية واجتماعية كبيرة كما هو الحال مع بقية الحلول. فالشريحة المتضررة صغيرة جدا، والضرر عليها لن يكون مؤثرا عليهم فغالبيتهم أثرياء، وما يمارسونه من احتكار للأراضي ممارسة غير منتجة بكل الأحوال وقد راكمت هذه الشريحة الصغيرة ثروات ضخمة من دون أن تضيف للاقتصاد شيئا بل أنها أضرت بالاقتصاد بشكل جسيم. كما أن ما يقومون به يشكل ظلما للمجتمع وهو ممارسات غير أخلاقية حتى لو كان القانون يسمح بها.

جذور أسباب الآلام الاقتصادية التي ذكرناها وهي ارتفاع أسعار السلع والبطالة وارتفاع السكن هي أشبه بالسرطانات التي تكونت بدايات أورامها منذ ثلاثين سنة، ولم يشعر بها أحد طوال هذه المدة، حتى تضخمت وكبرت وأصبحت تؤلم جسد الاقتصاد وتزداد إيلاما يوما بعد يوم، وكلما كبرت هذه السرطانات كلما تقلصت الطبقة المتوسطة وزاد الفقر وخُنق الاقتصاد، وإن كان علاج سرطان البطالة وارتفاع الأسعار معقدا، فإن استئصال ورم احتكار الأراضي الذي يتسبب بارتفاع أسعار السكن سهل جدا، ولا يحتاج لجراح ماهر، وستختفي آثار هذا السرطان بمجرد استئصاله وليس لاستئصاله أية أعراض جانبية سلبية، ولذلك فإننا نعتقد أن الأولوية يجب أن تكون لهذا الورم، خاصة أن استئصاله سيمهد لعلاج بقية السرطانات، والتي ستكون أكثر تعقيدا وفترة علاجها ستكون مؤلمة بشدة لكل الجسد، وستتطلب أن يضحي أعضاء الجسد كلهم – بدون استثناء – خلال عملية العلاج، فلا يمكن لهذه العملية – عملية علاج البطالة وارتفاع الأسعار = أن تنجح من دون تضحيات، فإما التضحية وإلا فإن هذه السرطانات ستقتل جسد الاقتصاد، ولكن قبل أن ندخل في العلاج المؤلم، لنبدأ خطوتنا الأولى باستئصال الأسهل وهو سرطان احتكار الأراضي.

(المقال منشور بموقع المقال)

استراتيجية وزارة الإسكان الجديدة.. هل تحل الأزمة؟

أعلنت وزارة الإسكان يوم أمس عن الخطوط العريضة لاستراتيجيتها الوطنية للإسكان والتي سيتم إعلان تفاصيلها بعد العيد. وقد كانت أبرز النقاط التي ذكرت بمسودة الاستراتيجية هو التركيز على زيادة عرض الأراضي المناسبة للتطوير، وزيادة القدرة الإنفاقية للمواطن لتملك مسكن، ومعالجة قضية الاحتفاظ بالأراضي البيضاء، وإنشاء نظام لمراقبة الأراضي والإيجارات للمحافظة على الأسعار والمساعدة على تشجيع سوق الإيجار، وزيادة كثافة الوحدات السكنية، وفرض ضرائب على أرباح المتاجرة بالأراضي لتقليل المضاربة عليها.

وفي تفاصيل بعض النقاط تذكر الاستراتيجية بخصوص زيادة عرض الأراضي المناسبة للتطوير عن تشريعات تجبر مالكي الأراضي على تطوير الأرض ضمن إطار زمني معين وإلا سوف يواجهون غرامات أو نزع ملكية أراضيهم، وهذه لغة غير مسبوقة، وهو تطور جوهري في علاج أزمة شح الأراضي المصطنع الناتج عن الاحتكار. ورغم عدم وجود تفاصيل لآلية تطبيق هذا الأمر إلا أن مجرد وجوده بالاستراتيجية يدل أن هناك تشخيصا صحيحا لسبب الأزمة. فلا يمكن علاج أزمة السكن من دون سن أنظمة تقضي على الاحتكار والقضاء على الشح المصطنع للأراضي. كما تشير الاستراتيجية بشكل مباشر لعلاج قضية الاحتفاظ بالأراضي البيضاء وذلك باسترداد أراضي المنح غير المستفاد منها لزيادة مخزون الأراضي المتاحة المخدومة واسترداد أراضي المنح غير المستفاد منها وذلك لتقليل الآثار السلبية للاحتفاظ بالأراضي.

تبدو الاستراتيجية بشكل عام طموحة وشاملة، وتدل على أن هناك استشعارا حقيقيا بعمق الأزمة، والحاجة لحلول جذرية تعيد سوق الإسكان لوضعه الطبيعي وتقتلع كل مظاهر الاحتكار التي تسببت بأضرار جسيمة للمواطنين، وذلك رغم وجود غموض وعدم وضوح في آلية تطبيق كثير من النقاط، وهذا الغموض قد يهدد نجاح تنفيذ الاستراتيجية ويسهل من التحايل، لذلك سننتظر إعلان تفاصيل الإستراتيجية على أمل أن يتم إيضاح كل التفاصيل ونخطو الخطوة الأولى في طريق حل أزمة السكن وحل مشكلة احتكار الأراضي.

فتوى الشيخ يوسف الشبيلي بتحريم احتكار الأراضي

في حلقة ساعة حوار بخصوص غلاء الأراضي وحلول مونوبولي سألت الشيخ يوسف الشبيلي خلال مداخلته بالحلقة عن حكم احتكار الأراضي. التفاصيل:

سؤالي للشيخ: هل نستطيع القول أن من يشتري أراضي تزيد عن حاجته بغرض حبسها وبيعها لاحقا رغم معرفته بحاجة الناس لها. هل نقدر نقول أن هذا الشخص محتكر احتكار محرم.؟

الشيخ يوسف الشبيلي: نعم، أنا أرى أنه يجب أن نطبق شروط الاحتكار عند وصفنا لأرض أنها محتكرة أن تكون زائدة عن الحاجة أما الأراضي التي يحبسها الشخص لغرضه الشخصي، نعرف أنه أحيانا الشخص يشتري الأرض يريد أن يبني عليها ليس عنده سيولة ليبني ينتظر سنوات حتى يجمع هذا المال هذا لا يعد محتكرا. الاحتكار انما يكون في الشيء الزائد عن الحاجة اللي يملك أراضي كبيرة ويحبسها والناس يحتاجون إليها. ولذلك أيضا الأراضي التي تكون خارج النطاق العمراني والناس لا يحتاجون إليها لا تعتبر احتكارا.

الاحتكار الحاصل الآن تجد مخططات وقطع أراضي كبيرة المعروض منها لا يمثل إلا 2% أو 3% من الموجود. أليس هذا احتكارا؟ إذا لم يكن هذا احتكار فأي احتكار يكون في الشريعة؟

 

شاهد الفتوى من الدقيقة 18.

خرافة نقص القنوات الاستثمارية

بعد تزايد التغطية الإعلامية عن أزمة السكن واحتكار الأراضي وفرض الرسوم على الأراضي البيضاء، سواء في الإعلام التقليدي أو الإعلام الجديد، بدأ بعض تجار الأراضي بالرد على على ما تتداوله هذه الوسائل الإعلامية، والتبرير لما يقومون به من تركيز لاستثماراتهم في تجارة الأراضي البيضاء بدل الاستثمار فيما ينفع الاقتصاد والمجتمع، وأحد التبريرات الرئيسية التي رددها هؤلاء التجار كثيرا هو غياب أو نقص القنوات الاستثمارية البديلة، مما دفعهم قسرا للتوجه لتجارة الأراضي، هذا التبرير غير صحيح وغير مقبول من جهتين، الأول هو أنه حتى لو صح الإدعاء بأن هناك نقص في القنوات الاستثمارية فإن الأراضي البيضاء يجب أن لا تكون ابتداء وعاء استثماريا. وذلك لإنه استثمار غير منتج بل هو استثمار ضار على الاقتصاد وليس له أي منافع اقتصادية أو اجتماعية على الإطلاق. الأمر الآخر هو أن الواقع يثبت عدم صحة الإدعاء بغياب أو نقص الفرص الاستثمارية. بل أن هناك حاجة ماسة ونقص شديد في كثير من المرافق والخدمات الحيوية التي يحتاجها المواطن والوطن، وبعضها استثمارات لا تحتاج خبرات أو تقنيات خاصة وعائدها شبه مضمون. فعلى سبيل المثال: يوجد نقص شديد في المدارس الأهلية، وغالبية المدارس لديها قوائم انتظار طويلة من الطلاب الراغبين في الدخول لها، مما دفع هذه المدارس لرفع الأسعار أكثر من مرة في السنوات الأخيرة، فعوائد الإستثمار في المدارس الأهلية قد تزيد على 25% وقد تصل إلى 35%، نفس الأمر ينطبق على المستشفيات والمستوصفات، والفنادق والشقق المفروشة، فلا تكاد تجد شقة مفروشة في مواسم العطل وأسعارها ترتفع بشكل غير مسبوق، وهناك نقص شديد وارتفاع في أسعار الغرف الفندقية طوال أيام الأسبوع.

لذلك فإن إدعاء نقص القنوات الاستثمارية ادعاء يحتاج لدليل، بل أن الواقع يثبت بطلانه. والحقيقة هي أن ارتفاع عوائد تجارة الأراضي البيضاء التي لا تحتاج أي مجهود على الإطلاق هي التي جعلت المستثمر يصرف النظر عن أي استثمار آخر، وكلما ابتعدت السيولة عن الدخول بالاستثمارات النافعة واتجهت وتركزت في الأراضي كلما ارتفعت أسعار الأراضي أكثر وقلت جاذبية أي استثمار آخر وكأننا ندور بحلقة مفرغة، كما أن ارتفاع أسعار الأراضي يتسبب في زيادة التكلفة في عديد من الاستثمارات، التي قد تكون مجدية في حال توفر الأراضي الرخيصة ولكنها مع الوضع الحالي للأراضي اصبحت غير مجدية وغير جاذبة للاستثمار.

الحقيقة هي أن بعض تجار الأراضي أدمنوا على المال السهل، ولايوجد أي حافز حقيقي لأن يدخلوا بمعمعة الاستثمار الحقيقي الذي سيتطلب الجهد والوقت، والحقيقة الأخرى أن تجارة الأراضي وارتفاع أسعارها هي السبب الرئيسي في توقف المستثمرين عن التوجه للاستثمارات النافعة، وهذا الارتفاع في أسعار الأراضي هو يعمل على تحويل البيئة الاستثمارية في المملكة لأرض جدباء، وكسر احتكار الأراضي ووضع الأنظمة التي تحول دون تحوِّل الأراضي البيضاء لوعاء استثماري هو السبيل الوحيد لإعادة الإزدهار للقطاع الخاص المنتج وعندها فقط سنشاهد ربيع الاقتصاد السعودي.

(المقال منشور في جريدة اليوم)