Tag Archives: احتكار

هل يقضي فيلم مونوبولي على المونوبولي؟

بعد ساعات قليلة من إطلاق فيلم مونوبولي أصبح الفيلم الحدث الأول بين السعوديين في كل الشبكات الإجتماعية على الإنترنت، وكان التفاعل استثنائيا ولم يسبق له مثيل، وانتقل الصخب على الإنترنت من الشبكات الإجتماعية إلى المنتديات والرسائل الإلكترونية والمواقع الإخبارية ثم تجاوز الإنترنت ابتداء برسائل البلاكبيري لتبدأ بعد أقل من 24 ساعة التغطية الإعلامية على القنوات التلفزيونية والصحف الورقية من خلال التقارير وعشرات مقالات الرأي. لقد تحول فيلم مونوبولي إلى ظاهرة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وتجاوز عدد المشاهدين حتى لحظة كتابة المقال أكثر من مليون، وذلك في أقل من ثمانية أيام، والرقم مرشح بأن يتجاوز المليونين خلال الأسابيع المقبلة.

لماذا تحول فيلم مونوبولي إلى ظاهرة؟ رغم أني شاركت بأجزاء من الفيلم، إلا أن الفضل الكامل لنجاحه يعود للمخرج المبدع بدر الحمود وفريق العمل الذي شاركه في إنتاج الفيلم الذي استغرق أشهرا طويلة، في مقابل دقائق قليلة ومجهود محدود من قبلي للمشاركة بالفيلم، لذلك فيمكنني أن أكتب عن الفيلم بأريحية لأنني كنت مجرد ضيف عليه. بالإضافة للإبداع الفني والتمثيل المتقن الذي قلما نشاهده في الإنتاج العربي، فإن أحد أهم أسباب النجاح هو ملامسة الفيلم لهمّ رئيسي تعاني منه شريحة كبيرة من المجتمع وخاصة الشباب، فغلاء أسعار السكن سواء التملك أو الإيجار أصبح يضغط على المواطنين بشكل كبير غير قابل للإستمرار. ورغم المعاناة التي يشعر بها المواطنين إلا أن بعضهم قد يجهل الأسباب الحقيقية لهذه المعاناة، كما أن بعضهم قد يجهل كيف يمكن أن نخرج من هذه الأزمة بحلول قابلة للتطبيق ومضمونة النجاح. ورسالة فيلم مونوبولي هي تسليط الضوء على المشكلة وأسبابها وطريقة حلها بأسلوب مبسط وقالب كوميدي ووثائقي يمكنه الوصول لأكبر شريحة ممكنة من المشاهدين.

إن التفاعل الكبير جدا مع الفيلم هو مؤشر على عمق المشكلة واستفحالها، وبالتالي ضرورة البدء الفوري في معالجتها حتى لايزداد الوضع سوءا وتزداد معاناة المواطن، ونتمنى أن تكون الرسالة قد وصلت لكل من بيده القرار لإصلاح الوضع. وبالختام، فكلمة مونوبولي هي كلمة إنجليزية وتعني احتكار، فهل يكون فيلم مونوبولي هو الخطوة الأولى في طريق القضاء على المونوبولي؟

 

(المقال منشور في جريدة اليوم)

سوق الأسهم… عدالة في التوزيع أم تركيز للثروات؟

عندما يتم الترخيص لبعض أنواع الشركات التي تستفيد من إمتياز خاص تمنحه الحكومة أو تستفيد من مورد طبيعي محدود، فإن الدولة تفرض على هذه الشركات طرح حصة من الشركة للإكتتاب العام من خلال سوق الأسهم، وهذا ينطبق على سبيل المثال على شركات البتروكيماويات والبنوك وشركات الإسمنت وشركات الإتصالات، وأحد المبررات الرئيسية في هذا الإشتراط – أي طرح حصة من الشركة في سوق الأسهم – هو ضمان استفادة أكبر شريحة ممكنة من المواطنين من الإستثمار هذه الشركات والإستفادة من الموارد أو الإمتيازات الممنوحة، أو بمعنى آخر زيادة توزيع الثروة بين أفراد المجتمع، هذا المبرر يبدو وللوهلة الأولى مبررا نبيلا ذو أهداف اجتماعية إيجابية، ولكن السؤال المطروح؛ هل بالفعل يسهم طرح هذه الشركات للإكتتاب في سوق الأسهم في توزيع الثروة بين المواطنين؟ هذا ما سنجيب عليه في هذا المقال.

بالرجوع لأرباح الأسهم في عام 2010 لكل الشركات السعودية المدرجة في سوق الأسهم والتي حققت ارباحا قياسية في العام الماضي، وبعد طرح جميع الحصص الحكومية والحصص الكبيرة للمساهمين والمعلنة في تداول، يمكننا حساب معدل العائد لكل مواطن ولكل أسرة سعودية، هذا على إفتراض الحالة المثالية، أي أن جميع الأسهم (موزعة بالتساوي) بين المواطنين وهو أمر غير حاصل فعليا بالإضافة إلى أن التوزيعات للأرباح للسهم لا تساوي بالضرورة أرباح الشركة الفعلية للسهم، أي أن ما سنصل إليه من نتيجة هو أفضل حالة ممكنة ولكن الواقع أسوأ بكثير. إجمالي أرباح جميع الشركات لعام 2010 كان حوالي 78 مليار ريال، أما حصة التملك الحكومي بالإضافة لحصة تملك كبار الملاك من هذه الأرباح فتزيد على 62%. أي أن ما يتبقى من أرباح هو حوالي 29 مليار ريال فقط، وبتقسيم هذا الرقم على عدد الأسر بالسعودية وهو حوالي 3.5 مليون فإن كل أسرة ستحصل على حوالي 690 ريال شهريا! اما لو قسمناه على عدد المواطنين وهو عشرين مليون فإن كل مواطن سيحصل على أقل من 125 ريال شهريا!

125 ريال لا تكفي لدفع نصف فاتورة الجوال، والواقع أن المستفيد الأكبر من سوق الأسهم هم الطبقة الغنية والطبقة المتوسطة الميسورة – وهي أغنى من الطبقة المتوسطة، ونسبة هذه الطبقتين لا تتجاوز 15% من إجمالي الأسر السعودية، بينما تعجز بقية الأسر عن الدخول بهذا السوق لأنها غير قادرة على التوفير أصلا، وبالكاد يكفي دخلها لاحتياجاتها الأساسية، بل أنها قد تقترض من البنوك لسد متطلباتها.

أسواق الأسهم هي أدواة مالية فعالة لتمويل الشركات وتسهيل تبادل الحصص، ولكنها ليست وسيلة لتوزيع الثروة، لأن الغالبية العظمى من المجتمع لا يستفيدون من هذه السوق، وبالتالي فإن طرح أي شركة في سوق الأسهم لا يزيد من توزيع الثروة وبالتالي لا يبرر منح امتيازات أو احتكارات خاصة لبعض المستثمرين للإستفادة من مورد او رخصة، وإن كان الهدف توزيع الثروة فيجب البحث عن سبل أخرى لضمان عدم تركز الثروات في يد القلة، من خلال رفع تكلفة هذه الإمتيازات أو فتح السوق على مصراعيه في التنافس ليستفيد المستهلك النهائي – المواطن – من أسعار أقل ومزايا أفضل.

(المقال منشور بجريدة اليوم)

وانتصر المستهلكون… على من لا يراعي…

خلال فترة قياسية لا تتجاوز الأسبوع، إستطاع المجتمع أن يوحد صفوفه في مواجهة رفع الأسعار لسلعة إستهلاكية ضرورية وهي الحليب واللبن، فبعد أقل من يوم من إطلاق حملة المقاطعة لمنتجات شركة المراعي بسبب رفعها غير المبرر للأسعار انتشرت أصداء الحملة في جميع وسائل الت واصل من شبكات إجتماعية أو بلاك بيري أو رسائل للجوال، وتبادل الناس صور ثلاجاتهم وسفرة الطعام وهي تتزين بمنتجات بديلة، وبعد أيام من الحملة انتشرت صور أرفف المراعي في الأسواق ومنتجاتها متراكمة من دون أن يشتريها أحد في مؤشر لا لبس فيه لنجاح المقاطعة، بل أن صدى المقاطعة وصل للدول المجاورة التي تضامن مواطنوها مع الحملة وقاطعوا منتجات شركة المراعي. وقد وصل إنخفاض المبيعات للبن والحليب لشركة المراعي حسب أحد الأصدقاء الذين يملكون سلسلة من السوبرماركتات في المنطقة الشرقية أكثر من 40%، وهو انخفاض حاد جدا يستحيل لشركة المراعي أن تتحمله لفترة طويلة، خاصة أن نصف مبيعات منتجاتها هي من الألبان، كما أنها قد تخسر عملائها للأبد إذا وجدوا بدائل بنفس الجودة واعتادوا عليها. q00g

في نفس يوم صدور قرار إعادة الأسعار للألبان خرج المدير التنفيذي لشركة المراعي وذكر أن مبيعات شركة المراعي (لم تتأثر). وأن عدم رفع السعر سيؤدي لأضرار في استثمارات القطاع وقد يؤدي لنقص في توفير السلع، أما التأثر بالمبيعات فالجميع شاهد بنفسه تأثير المبيعات ولا نحتاج تأكيد أي جهة، أما تضرر الإستثمارات، فكما أشرنا بالمقال السابق زادت أرباح شركة المراعي على 1200 مليون ريال! أما النقص في معروض السلع، فإن حدث هذا النقص كما يقول المدير التنفيذي للشركة، فحله بسيط، وهو إيقاف التصدير، حيث تصدر الشركة الألبان للبحرين والكويت وقطر والإمارات، فالمستهلك المحلي أولى بالاستفادة من منتج مدعوم من قبل الدولة ويستنزف الموارد الطبيعية بشكل كبيرة.

إن النجاح الكبير لهذه الحملة يمثل رسالة واضحة لكل التجار بأن يراعوا المستهلك قبل أن يفكروا بمضاعفة أرباحهم من دون مبرر إستغلالا لقوتهم في السوق أو احتكارهم لسلعة معينة. كما أن نجاحها زرع الثقة في نفوس المستهلكين بأن لديهم القدرة على حماية أنفسهم من جشع بعض التجار من دون إنتظار تحرك جمعيات حماية المستهلك أو غيرهم.

مقالات متعلقة:

(المقال منشور في جريدة اليوم)

كيّفوا الأبقار وارفعوا الأسعار

cowفي بلد صحراوي شديد الحرارة، لا تستطيع غالبية الكائنات الحية العيش فيه – باستثناء الضبان والجمال والجرابيع – يتم إنشاء مصانع ضخمة للألبان، تجلب لها الأبقار من أقاصي الأرض، أبقار لا تعيش في حرارة تقل عن 25 درجة، وحتى تتمكن هذه الأبقار من البقاء والإنتاج يتم وضعها  في بيئة (مكيفة). وفي بلد جاف لا يكاد ينزل فيه المطر تستهلك هذه الأبقار كميات ضخمة من المياه. كما تستهلك هذه الأبقار كميات كبيرة من الأعلاف، وبما أن أرضنا قاحلة، فالأعلاف غالبيتها مستوردة. التكييف الذي يبرّد هذه الأبقار يستهلك كميات هائلة من الكهرباء، كهرباء يباع لهذه المصانع بأسعار مدعومة من الحكومة – أي أموال المواطنين. والمياه التي تستنزفها هذه الأبقار، تباع بأسعار مدعومة أيضا، وتسهم في زيادة المشكلة المائية التي تواجهها البلاد وتهدد مستقبلنا جميعا، كما تشتري هذه المصانع الأعلاف بدعم حكومي كبير – أي أموال المواطنين أيضا. لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستمر أي شركة ألبان بالعمل من دون الدعم والكرم الحكومي، باختصار، لولا الدعم الحكومي لما كُيّفت الأبقار.

رغم كل هذا الدعم الحكومي، ورغم أن بقاء هذه الشركات مرهون باستمرار هذا الدعم، ترفع هذه الشركات أسعار منتجاتها بلا حسيب ولا رقيب، وتختلق أعذارا مختلفة لرفع الأسعار، على رأس هذه الأعذار زيادة تكاليف اللقيم من أعلاف وغيرها من التكاليف المتعلقة بالإنتاج، هذا العذر قد يبدو للوهلة الأولى منطقيا، ولكن بنظرة سريعة على القوائم المالية المنشورة لأحد شركات الألبان التي رفعت سعرها – وهي المراعي – نجد أن صافي أرباح الشركة ارتفع خلال الثلاث سنوات الماضية أكثر من 40%! وبلغ أكثر من 1.2 مليار ريال في 2010 بعد أن كان حوالي 910 مليون ريال في عام 2008. أما تكاليف الإنتاج مقارنة بالمبيعات فانخفضت حوالي 1% ما بين عام 2008 و 2010، فبعد أن كانت التكاليف تمثل 60% من المبيعات في 2008 أصبحت تكلف 59% من إجمالي المبيعات. باختصار، لا يوجد أي أعذار حقيقية لرفع الأسعار.

نحن نؤمن بحرية السوق وعدم التدخل بالأسعار، ولكن يجب أن تختار الشركات، بين سوق حر تعتمد فيه الشركات على نفسها في تقليل التكاليف وزيادة الأرباح وتحديد السعر، وبين سوق مدعوم من الحكومة، ففي حالة الدعم، ليس من حق الشركات أن تتحكم بالأسعار بلا رقابة، وإن كان الدعم الحكومي وسيلة لزيادة أرباح الرأسماليين وكبار ملاك الشركات، فهو دعم لا نريده، ولا يفيد المواطن بشيء. وكان من الأولى استخدام هذا الدعم في مشاريع تنموية يستفيد منها الجميع. باختصار أوقفوا دعم التجار أو ثبتوا الأسعار.

مقالات متعلقة: شركات الألبان… والكذب المكشوف

(المقال منشور في جريدة اليوم)