حملات المقاطعة وحرية السوق

ازدادت في الفترة الماضية أعداد حملات المقاطعة لسلع الشركات التي تقوم برفع أسعار منتجاتها، وساهم في تزايد هذه الحملات وسائل التواصل الجديد عبر الإنترنت أو الجوالات الذكية، التي سهلت كثيرا إيصال رسائل هذه الحملات لعدد كبير جدا وفي وقت وجيز. وفي ظل هذه الزيادة بحملات المقاطعة تفاوتت الآراء ما بين مؤيد ومعارض لهذه الحملات وما بين مشكك ومؤكد لفائدتها وحجم تأثيرها على واقع السوق.

في الواقع أن الحملات الشعبية لمقاطعة أي شركة ترفع أسعارها لها عدة فوائد وكلها تصب في صالح المستهلك والسوق، لأن هذه الحملات تسهم في رفع وعي المستهلك وتضيف تكلفة إعلامية مؤثرة على الشركات التي تقوم برفع الأسعار، وتسهم أيضا في توعية المستهلك عن التنوع الموجود في السوق والبدائل المتوفرة.

أما من الناحية الاقتصادية المباشرة، فمن المعروف أن أي رفع في سعر أي سلعة يؤدي عادة لانخفاض حجم الطلب، نسبة الانخفاض تعتمد على مرونة الطلب، فإذا كانت المرونة عالية فإن حجم الطلب سينخفض بشدة عند رفع السعر، أما اذا كانت المرونة منخفضة – كما هو الحال في الأدوية مثلا – فإن الطلب لن يتأثر كثيرا. كما أن المرونة تكون منخفضة عندما لا تتوفر بدائل لسلعة معينة ارتفع سعرها، أو أن البدائل شحيحة لا تكفي لتغطية الطلب، لذلك فإن أحد أهم أدوار حملات المقاطعة هو إضافة عامل جديدة يسهم في رفع (مرونة الطلب). فعلى سبيل المثال: لو ارتفعت سلعة معينة بنسبة 10% وانخفض الطلب عليها 4%، فإن حملات المقاطعة قد ترفع هذه النسبة إلى 7% أو 8%. هذه النسبة الإضافية من انخفاض الطلب ترفع (تكلفة قرار رفع السعر)، وبالتالي فإن كل الشركات ستفكر مليا قبل رفع سعرها، ولن تقوم بهذه الخطوة إلا إذا كانت مضطرة فعلا لاسباب اقتصادية حقيقية وليس لمجرد استغلال تزايد الدخل لدى المستهلك.

الجانب المهم الآخر هو أن حملات المقاطعة لن تكون ذات جدوى لو كانت الشركة تملك حصة متسيدة بشكل كبير للسوق، وهذا خطر محدق في بعض قطاعات السلع الاستهلاكية، لأن البديل في هذه الحالة لن يكون كافيا لتغطية الطلب، لذلك فإن حملات المقاطعة تسهم في توزيع الحصص السوقية بين أكثر من شركة مما يضمن استمرار التنافسية في السوق وتجنبنا تسيد شركة واحدة للسوق يمسح لها بالتحكم بالسعر ويضطر المستهلك للرضوخ لأي رفع للأسعار، لذلك فحتى لو استمرت بعض الشركات في رفع السعر رغم حملات المقطاعة فإن لذلك تأثير إيجابي لزيادة الحصة السوقية للشركات الأخرى.

تعليقات فيس بوك

One thought on “حملات المقاطعة وحرية السوق

  1. فهد الشريف

    لا فائدة ترجى من هذه المقاطعات حتى ان ظهرت بالمظهر المؤثر في قليل من الاحيان او حتى في اغلب الاحيان على الشركات والتجار الجشعين فأنها ياسيدي الفاضل لا تعدو على ان تكون زوبعه في فنجال سرعان ماتهدأ ويرجع الحال كما كان. المقاطعة الحقيقية تكون بوجود نقابات منضمه (وهي مستحيلة الحدوث لدينا لأسباب نعلمها جميعا) او قرارات صارمة من الدولة (وهي مستحيلة ايضا لأن المتضررين هم اصحاب القرار). لست متشائما كما اجزم بأنك تعتقد الان ولاكن انا شخص واقعي يعلم خبايا بيته جيدا. لذلك انصح جميع المواطنين بالدعوة الى صلاة (استسقاء) للرحمة على قلوب التجار.

    Reply

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>