قطاع التجزئة كم سعوديا سيوظف؟

ما زالت وزارة العمل مستمرة في تنفيذ خططها لسعودة القطاعات المختلفة وتطبيق نطاقات على شرائح أكثر من المنشآت، وأحد القطاعات التي كثر التركيز عليها في الفترة الأخيرة سواء من الناحية الإعلامية أو من قبل وزارة العمل هو قطاع التجزئة. وتشير الاحصاءات أن هذا القطاع يعمل فيه أكثر من 1.2 مليون، غالبيتهم العظمى من غير السعوديين. هذا الرقم الكبير نسبيا هو الذي دفع كثيرين لتسليط الضوء على هذا القطاع والحديث عن قدرته على توفير الكثير من الوظائف للمواطنين. هذا الاستنتاج قد لا يكون دقيقا، والسبب أن تكلفة توظيف غير السعودي في هذا القطاع أقل بكثير من تكلفة توظيف السعودي، وبالتالي فإن اقتصاديات القطاع ستتغير جذريا عندما يتم سعودته بالكامل وسيؤثر ذلك على طاقته الاستيعابية للوظائف، لذلك فمن المهم جدا أن يتم تقدير الطاقة الاستيعابية القصوى لهذا القطاع حتى يكون هذا التقدير استرشاديا لمن يعمل على بناء الخطط وسن القوانين.

لمعرفة حجم الوظائف التي يستوعبها قطاع معين يجب معرفة حجم هذا القطاع، ثم معرفة المعدل المتعارف عليه لنسبة الرواتب من إجمالي مبيعات المنشآت في هذا القطاع. وحسب المعايير العالمية تتراوح نسبة إجمالي رواتب الموظفين في قطاع التجزئة لإجمالي المبيعات بين 5%-8%. أي أن شركة التجزئة التي تبيع بعشرة ملايين ريال يفترض أن تكلفها الرواتب بين 500-800 ألف ريال.

يبلغ حجم قطاع التجزئة بالسعودية حسب آخر التقديرات 262 مليار ريال، هذا الرقم يشمل مبيعات جميع متاجر التجزئة كالبقالات ومحلات بيع الملابس وبيع الأجهزة والسيارات وغيرها. من خلال هذا الرقم يمكننا الحصول على الحجم الإجمالي للرواتب في هذا القطاع من خلال ضربه بالمعدل العالمي للنسبة، وسيتراوح الرقم بين 13 مليار و 21 مليار ريال سعودي وهو يمثل إجمالي ما سيدفعه قطاع التجزئة كرواتب أو تكاليف موظفين. بعد ذلك يمكن حساب عدد الوظائف في القطاع من خلال الإفتراض أن تكلفة الموظف السعودي الإجمالية تساوي 4500 ريال. بعد تقسيم 13 مليار و 21 مليار على 4500 ريال سنجد أن عدد الوظائف التي يستوعبها القطاع تتراوح بين 250 ألف و 400 ألف وظيفة، ولذلك يمكن الافتراض أن قطاع التجزئة لا يمكن أن يوفر أكثر من 400 ألف وظيفة للسعوديين، وعلى مدى عشر سنوات لن يتجاوز الرقم 600 ألف وظيفة على افتراض نسبة نمو سنوية 4% في قطاع التجزئة.

الأمر الآخر أن هذا الرقم لا يضع بالاعتبار أعداد السعوديين الذين سيفقدون مصدر دخلهم بسبب سعودة قطاع التجزئة، حيث ستؤدي السعودة الكلية لإغلاق كثير من المنشآت. ولا يوجد أرقام دقيقة لعدد المتضررين المتوقع ولكنه قد يتراوح بين 100 و 200 ألف مواطن. وبالتالي فإن صافي أعداد الوظائف التي سيوفرها قطاع التجزئة للاقتصاد ككل قد يكون في الواقع أقل من 400 ألف بسبب خسارة البعض مصادر دخلهم وتحولهم لعاطلين وقد لا يتجاوز صافي وظائف السعوديين التي سيوفرها قطاع التجزئة للاقتصاد أكثر من 200 ألف وظيفة.

رغم أن حجم الوظائف التي سيوفرها قطاع التجزئة قد لا تكون بالحجم الذي توقعه كثيرون إلا أن سعودة هذا القطاع بالكامل ضروري. فهو من القطاعات الاستهلاكية وليست الانتاجية، فأي تقلص لحجم القطاع بسبب السعودة الإجبارية لن يؤثر كثيرا على نمو القطاعات الإنتاجية، كما أن الوظائف في هذا القطاع لا تحتاج إلى أي مهارات خاصة ويمكن لأي مواطن حتى لو كانت مؤهلاته بسيطة أن يعمل فيها، كما أن التخلص من 1.2 مليون وافد سيوفر الكثير من الموارد المدعومة التي تستهلكها العمالة كاكهرباء والوقود ويقلص من حجم التحويلات الخارجية للأموال. سعودة قطاع التجزئة جزء من حل مشكلة البطالة، ولكنه جزء يسير.

تعليقات فيس بوك

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>