مجزرة المانجروف

ما زالت الجرافات مستمرة في مذبحتها الجماعية لنباتات المانجروف وردم المنطقة البحرية الواقعة بين حي الشاطيء في الدمام الميناء. ورغم الأصوات الكثيرة التي طالبت بإيقاف عمليات الردم والتدمير البيئي لهذه المنطقة إلى أنه لا يوجد أي تجاوب من المسؤولين لإيقاف هذا المشروع الذي سيكون له تأثيرات سلبية لا حصر لها.

ففي الوقت الذي تولي الهيئات البيئية العالمية اهتماما خاصا لنبتة المانجروف المهددة بالإنقراض، نقوم نحن بلا أدنى مسؤولية بتدميرها والقضاء عليها عمدا. وفي دول مجاورة كالكويت يتم تدريس الأطفال عن أهمية هذه الشجرة وحثهم على زراعتها في السواحل لتحسين البيئة. فلهذه النبتة أهمية بالغة لأنها محور رئيسي للحياة الفطرة، فهي مأوى طبيعي للأسماك والكائنات البحرية ومنطقة مثالية لتكاثرها، حيث تأتي الأسماك الكبيرة للتزاوج وتترك بيضها على جذوعها لتفقس في مأمن، كما أنها تمثل المصدر الرئيسي لتوفير غذاء الروبيان. بالإضافة لذلك فهذه النبتة تعد مصنعا طبيعيا لإنتاج الأكسجين وترطيب الجو وعاملا مهما في مقاومة انجراف التربة من خلال عملها كمصدات للأمواج.

إشكالات ردم هذه المنطقة البحرية لا تقتصر على القضاء على نباتات المانجروف وتدمير البيئة البحرية، بل أنها ستتسبب في إزالة الواجهة البحرية التي تمثل امتداد لكورنيش الدمام والذي يمثل وجهة سياحية ومتنزها مهما لسكان المنطقة. والأهم من هذا كله أن كثيرا من القانونيين يشيرون لعدم شرعية امتلاك وتطوير هذه المساحات البحرية التي يفترض أن تكون ملكا مشاعا للجميع ولا تمنح لأفراد.

المنطقة التي سيتم ردمها مساحتها شاسعة جدا وقد تزيد على 10% من مساحة الدمام الاجمالية الحالية، ولا يوجد أي حاجة حقيقية لردم المنطقة والتوسع من تلك الجهة من المدينة، فنسبة الأراضي البيضاء غير المستغلة في الدمام حسب تصريح نائب الأمين تزيد على 60%. وهي تكفي الاحتياج السكاني لسنوات طويلة قادمة – بشرط أن يكسر الاحتكار بالطبع. كما أن الصحاري على مدى البصر في الجهة الأخرى من المدينة.

الأكثر إيلاما من كل هذا، أن كل هذا التدمير للبيئة والقضاء على المناطق السياحية ومخالفة القانون لن يكون له مردود حقيقي على المواطن العادي. فعلى الأرجح سيؤول حال هذا الحي الجديد لما آل عليه حي الشاطيء، حيث تزيد نسبة الأراضي غير البيضاء في حي الشاطيء على خمسين بالمئة من الحي، رغم أنه دفن منذ أكثر من عشرين سنة. وسيتبادل التجار شراء الأراضي فيما بينهم وستستمر معاناة المواطن. فحرمنا الأسماك من مأواها وسكنها، ولم نوفر للمواطن مكانا ليسكن فيها.

تعليقات فيس بوك

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>