هل تركت أمريكا الصناعة؟

في كثير من الحوارات عن الشكل الأمثل للاقتصاد والاستراتيجيات المطلوب استخدامها للنهضة بالاقتصاد المحلي، يدور النقاش عن الصناعة والخدمات وفي بعض الأحيان عن ما يسمى "الاقتصاد المعرفي"، وكل طرف يعتقد أن أحد هذه الاتجاهات هي الأمثل والأفضل حتى ننهض باقتصادنا ونضمن استمراريتها ودوامه مع التزايد السكاني المضطرد وحتمية نضوب النفط أو عدم قدرتنا على تصديره بسبب الاستهلاك الداخلي في المستقبل القريب أو البعيد.

أحد الحجج التي يستخدمها مناصروا سياسة النمو الاقتصادي في مجال الخدمات و"الاقتصاد المعرفي" هي أن الاقتصادات المتقدمة تركت الصناعة واتجهت لقطاع الخدمي والمعرفي. ومن خلال قراءة واقع الأرقام في دولة مثل الولايات المتحدة يمكننا أن نستنتج أن هذه الحجة غير صحيحة، فحجم الإنتاج الصناعي في أمريكا يتجاوز 2 ترليون دولار (أي أكثر من 7 آلاف مليار ريال سعودي). وهذا الإنتاج الصناعي لأمريكا يمثل حوالي 20% من الإنتاج الصناعي العالمي. فكيف يمكن القول أن أمريكا تركت الصناعة؟

أما عند الحديث عن الصادرات الصناعية في أمريكا فتصل قيمتها لأكثر من 1.3 ترليون دولار. مقارنة بصادرات الخدمات التي لا تتجاوز 600 مليار دولار. أي أن الخدمات تشكل ما يقارب 30%، أما الصناعة فنسبتها حوالي 70% من الصادرات الأمريكية.

الجانب الآخر من حجة الداعين لدعم الخدمات هو حجم التوظيف، حيث يعتقد مؤيدوا القطاع الخدمي أن الوظائف تخلق بشكل أكبر في هذا القطاع. وهذه النقطة قد تبدو ظاهريا صحيحة، ولكنها في الواقع لا تعكس كامل الحقيقة. وذلك لأن الصناعة حتى لو كان عدد موظفيها أقل فإنها تؤدي لخلق العديد من الوظائف في قطاعات أخرى. وحتى نوضح ذلك بالأرقام، تشير أحد الدراسات الاقتصادية الأمريكية، أن كل وظيفة في قطاع صناعة السيارات في أمريكا تخلق أكثر من عشر وظائف في الإقتصاد بالمجمل. ويصل عدد الوظائف المرتبطة بصناعة السيارات بأمريكا لأكثر من 8 ملايين وظيفة. في المقابل، نجد أن إجمالي عدد موظفي أكبر اربع شركات تقنية وهي آبل ومايكروسوفت وجووجل وفيس بوك – التي قد تصنف كخدمات أو اقتصاد معرفي – لا يتجاوز 190 الف موظف.

باختصار، لا يمكن لأي اقتصاد حقيقي – خاصة في الدول الكبرى وذات الكثافة السكانية – أن لا تكون الصناعة هي العنصر الجوهري في اقتصاده. وحول هذه الصناعة يتم نسج بقية القطاعات. فلو قررت أمريكا أن تترك الصناعة وتتفرغ للخدمات أو "الاقتصاد المعرفي" فإن اقتصادها – حتما – سينهار، ولن يكون لعملتها أي قيمة.

تعليقات فيس بوك

One thought on “هل تركت أمريكا الصناعة؟

  1. heno

    أف أكس أوبن تقدم إحدى مسابقتها لهذا الشهر وهي مسابقة
    أفضل موضوع للشهر في محركات البحث
    حرصا على استمرار نشاط الأعضاء داخل القسم العربي قررت إدارة المنتدى عمل مسابقة بالقسم العربي وهي مسابقة أفضل موضوع للشهر في محركات البحث.
    رابط المسابقة
    https://fxopenforum.com/threads/176717-%D8%A3%D9%81%D8%B6%D9%84-%D9%85%D9%88%D8%B6%D9%88%D8%B9-%D9%84%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%AB

    تفاصيل المسابقة

    يتم عمل موضوع داخل إحدى الأقسام الأتية ( تحليل العملات المختلفة والتوصيات، مؤشرات و أكسبرتات، الاستراتيجيات، مكتبة الفوركس، النقاشات العامة والتعليمية، فيديوهات الفوركس ) ويتم تحديث الموضوع على مدار الشهر حتى يظهر في محركات البحث مثل جوجل ، أو بينج أو غيرها.

    ولكم شروط المسابقة

    1. ترسل رسالة إلى مشرف المنتدى قبل البدء فى الكتابة موضحا بها أسم الموضوع والقسم، وبعد أن تتم الموافقة يبدأ العضو بنشر الموضوع خلال الشهر
    2. يجب أن يكون الموضوع حصري وغير منسوخ
    3. يجب أن لا تقل عدد كلمات الموضوع عن 2000 كلمة
    4. يجب تحديث الموضوع على مدار الشهر
    5. يجب ظهور الموضوع في أولى صفحات محرك البحث جوجل عند البحث بعنوان الموضوع

    جوائز المسابقة

    المركز الأول 40$
    المركز الثاني 30$
    المركز الثالث 20$
    المركز الرابع 10$

    ونتمنى للجميع حظا موفقا

    Reply

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>