سوق الاسهم… للكبار فقط

عاد الزخم من جديد لسوق الأسهم، وتجاوز حجم التداول عشرة مليارات يوميا، وكسر المؤشر أرقاما لم يصل لها منذ أربع سنوات. ومع هذه العودة عاد موضوع الأسهم ليتصدر أحاديث المجالس، وبدأت الإشاعات والتوصيات تنتشر بين الناس. وبدا لأول وهلة أن التاريخ يعيد نفسه، وكأن درس كارثة الأسهم في 2006 لم يكن كافيا، حيث أن الكثير بدأ يتحدث الآن عن تعويض خسائره في الانهيار الماضي.

ابتداءً يجب أن نؤكد أن هناك فرصا استثمارية ممتازة في سوق الأسهم، وبعض الأسهم كانت عوائدها تزيد على 7% سنويا. وهو رقم قريب من عوائد الاستثمارات العقارية كالشقق وغيرها. وهذا النوع من الاستثمار الذي يعتمد على قوة الشركة ونموها وأرباحها الموزعة هو استثمار إيجابي، يستفيد منه كل من يستثمر، ولا يوجد فيه خاسر ما دامت الشركة تنمو وتربح.

لكن الذي يحدث الآن أن الزخم منصب على المضاربة على شركات ضعيفة في كثير من الأحيان، لا تربح وليس لها مستقبل واضح، ويتم التداول بها بكميات كبيرة بغرض رفعها بلا أساس استثماري أو منطقي. بعض هذه الشركات ارتفع أكثر من 500% خلال اشهر، وهي شركات أداؤها المالي سيء جدا. هذه الأرباح السريعة والتي تبدو سهلة، ستجذب كثيرا من صغار المستثمرين الباحثين عن الربح السريع. وسيؤدي ذلك لمزيد من الارتفاعات حتى نصل لذروة جديدة لا يمكن أن يستمر بعدها الارتفاع وتنهار الأسهم دفعة واحدة ويتضرر كل من دخل كمضارب، وخاصة صغار المستثمرين، الذين عادة ما يكونون آخر من يعلم عن قرب الإنهيار.

مالا يعيه البعض، أن المضاربة في سوق الأسهم دائما ما يكون فيها خاسر ورابح، عكس الاستثمار طويل المدى، لايمكن لشخص يربح من خلال المضاربة أن لا يكون مقابله شخص خاسر. فالسؤال المطروح، من الأقدر على الربح؟ هل هو المستثمر الصغير الذي وضع 20 ألف ريال او 50 ألف ريال؟ أم المستثمر القادر على تحريك السوق بملياراته؟ أو المستثمر الذي يحرك عددا كبيرا من المضاربين من خلال مايسمى بالجروبات؟ أم المضارب الذي يحصل على معلومات داخلية من خلال مجالس الإدارة؟ الأكيد أن المستثمر الصغير هو الحلقة الأضعف من بين هؤلاء. فنصيحتي، إن لم تكن واحدا من هؤلاء فالأفضل لك هو الابتعاد عن هذا السوق، حتى لو أغراك السوق بربحه السريع، فهذه الأرباح مردها الخسارة إن عاجلا أو آجلا.

وأخيرا فإن الواجب على الهيئات التنظيمية مثل هيئة سوق المال أن تعمل على إيقاف هذا الهيجان، وأن تقوم بضبط السوق بما يضمن حقوق صغار المساهمين، كما يجب على البنوك أن توقف التمويلات المبالغ فيها التي تشحن سوق الأسهم وتزيد من المضاربة، فليس من مصلحة أحد إطلاقا أن تتكرر كارثة 2006.

تعليقات فيس بوك

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>