ثلاثون سنة من اللا إنتاجية

رغم الأرقام البراقة التي تعلنها الجهات المعنية مثل مؤسسة النقد أو وزارة المالية عن نمو الناتج المحلي ونمو القطاعات الغير النفطية والقطاع الخاص وغيرها من المؤشرات الاقتصادية، والتي قد توحي للمتلقي أن هناك نموا حقيقيا يحدث بالاقتصاد إلا أن الواقع يقول غير ذلك، فمع كثرة الأرقام الاقتصادية التي تمطرنا بها وسائل الإعلام إلا أننا لا نجد ذكرا لواحد من أهم المؤشرات الاقتصادية التي تدل على صحة النمو الاقتصادي وحقيقته ألا وهو مؤشر نمو الإنتاجية.

الإنتاجية تقاس بمقدار ما ينتجه العامل الواحد في المنظومة الاقتصادية. ويمكن قياس نسبة نمو الإنتاجية بقياس إنتاجية القوى العاملة في سنة معينة ومقارنتها بالإنتاجية في سنة أخرى لمعرفة مقدار التغير في الإنتاجية. على سبيل المثال: لو نما الناتج المحلي 3% ونما عدد القوى العاملة 4% فإن نسبة النمو في الإنتاجية ستكون بالسالب.

عادة ما تنمو الإنتاجية بسبب عاملين رئيسيين، العامل الأول هو التعليم والتدريب، والعامل الثاني هو مراكمة رأس المال المنتج كالمعدات الصناعية والآلات وغيرها من التقنيات التي ترفع الإنتاجية.

خلال الثلاثين سنة الماضية، نما الناتج المحلي في المملكة بنسبة لا تزيد على ال 225%، في المقابل نجد أن عدد القوى العاملة ازداد بنسبة 330%. وعند حساب الإنتاجية نجد انخفضت أكثر من 30% منذ عام 1980 وحتى 2009! ولو راجعنا أرقام نمو الناتج المحلي ونمو القوى العاملة للعشر سنوات الأخيرة نجد أن هذه الظاهرة مستمرة وأنه لا يوجد أي زيادة حقيقية بالإنتاجية وإنما نمو اقتصادي معتمد على زيادة أعداد العمالة فقط.

إن أحد أهم أسباب تدني النمو في الإنتاجية هو الإدمان على العمالة الرخيصة المستوردة. والتي قتلت أي حافز للإستثمار الحقيقي في الرأس المال المنتج، فما الداعي لتقليل استخدام العنصر البشري وأتمتة الإنتاج ما دام هذا العنصر متوفر بسعر رخيص جدا.

رفاهية المواطنين ومستوى معيشتهم في كل دول العالم تعتمد بشكل شبه كامل على مستوى نمو إنتاجية القوى العاملة. وتحرص الدول المتقدمة على الحفاظ على نمو صحي في الإنتاجية، وبسبب الهيكل الإقتصادي الريعي في الدول النفطية كالمملكة  والإعتماد على دخل الموارد الطبيعية (النفط) اختفى أي أثر لنمو الإنتاجية. واذا ما استمر هذا الوضع فإننا سنجد أنفسنا فجأة بلا نفط وبلا إنتاجية.

تعليقات فيس بوك

28 thoughts on “ثلاثون سنة من اللا إنتاجية

  1. عبدالرحمن العسكر

    مقال رائع اشكرك عليه.. تساؤلي هو اختيارك الإنتاجيةعلى انها تقاس بمقدار ما ينتجه العامل الواحد في المنظومة الاقتصادية فقط مع ان زيادة الميزانية او خفضها و مقارنتها بنسبة النمو في الناتج المحلي يمكننا ايضا من معرفة الانتاجيةالمالية.. ما قمت به في هذا المقال اظنه حساب انتاجية اليد العاملة
    لكن كيف نخسب الانتاجية الشاملة؟

    Reply
  2. أروى

    الله يعطيك العافيه, بس فيه نقطة مافهمتها و هي كيف الإنتاجية انخفضت و هي 105% النسبه هذي ماتعتبر كبيره و ممكن نقول عنها إنتاجية مرتفعة؟

    Reply
  3. فيصل عبدالعزيز

    تمنيت منك محاولة طرح حلول لجعل التدوينة أكثر شمولية, بعيداً عن سرد المشكلة فقط . وكذلك لو يتم إضافة المراجع والمصادر اللي تم إستسقاء الأرقام منها, حتى لا يكون لأحدٍ حُجةٌ في إنكارها.

    ومتشكرين!

    Reply
  4. بدر الجعفري

    تأملاتك رائعة يا عصام
    لكن اسمح لي بسؤال استيضاحي.. لأن المعادلات الاقتصادية هذه دائماً تستعصي على فهمي بالرغم من أهميتها.
    أليس معدل الانتاجية وفقاً للتعريف الذي ذكرته؟ هو نفسه معدل (الدخل القومي)GPD ؟
    في تقارير صندوق النقد الدولي: هل توجد الإشارة إلى مثل ماانتهيت إليه في هذه التدوينة؟ إذا لا، فلماذا بظنط؟ لأني أفهم أن مؤشرات صندوق النقد الدولي مهمة وتملك مصداقية واعتراف واسع؟

    عذراً على أسئلتي.. لكني بالفعل أحتاج لدروس مكثفة في الاقتصاد
    دمت نبيلاً

    Reply
    1. عصام الزامل Post author

      لو كنا نتحدث عن مزرعة تنتج 100 طن من القمح وفيها 20 مزارع. فإنالناتج القومي (اوالدخل القومي) هو 100 طن من القمح.

      انتاجية المزارع = 5 طن

      لو بعد سنة جينا للمزرعة. ووجنا ان انتاجها اصبح 130 طن.. وعدد المزارعين لم يتغير 20 مزارع يعني. فمعناته انتاجية كل مزارع زادت 30%.

      بالنسبة لمؤشرات صندوق النقد الدولي فما أدري عنها صراحة.

      Reply
  5. فهد الاشول

    تساؤلات واستنتاجات جدا ممتازة وليس هناك حاجة لمعرفة جذور المشكلة لانها معروفه عند الكل وخصوصا لدى النخبة السياسية,

    ولكن الا ترى اخ عصام باننا نعيش اكذوبة اسمها (القطاع الخاص) الذي في اعتقادي لم يقدم اي قيمة مضافة للاقتصاد الوطني وهنا اقصد الانتاج والتصدير , وبقي يعتمد على الانفاق الحكومي فقط في صنع ارباحه بشكل مباشر او غير مباشر, وهذا للاسف مانسبته 80% من الشركات و 20% الباقية تعتمد على شركات مثل ارامكو وسابك وعليك الحسبة.

    المشكلة الاخرى هو غياب استراتيجية واضحة وشفافة بالنسبة للتدريب والتعليم وكل ما نراه فقط على ورق وكلام جرايدولم نرى اي شئ على ارض الواقع…
    تقبل تحياتي

    Reply
    1. عصام الزامل Post author

      اتفق معك تماما. ليس لدينا قطاع خاص حقيقي. كل القطاع الخاص (طفيلي) ولا يمكن ان يبقى بدون الحكومة او ارامكو او سابك

      التدريب والتعليم لا يكفي ما لم يتم تهيئة الاقتصاد لكي يكون منتج. ابتداءا من القضاء على العمالة الرخيصة.

      Reply
  6. صالح

    مساء الخير
    لا اعتقد ان مايسمى الادمان على العمالة الرخيصة هو السبب ، فالعمالة الرخيصة كما سميتها في مقالك تعمل على حسب الراتب ، فلن تجد مهندس يعمل براتب 1000 ريال !! ، المشكلة تكمن في الادارة والتخطيط ليس الا ، فلو اخذنا ماليزيا مثلا ذلك البلد الصناعي لوجدنا انه مدمن على عمالة الدول المجاورة كالفلبين واندنوسيا .. ولاكن يوجود الادارة الحقيقية اصبح يصنف من دول العالم الثاني …
    تحياتي لك اخي عصام

    Reply
    1. عصام الزامل Post author

      العمالة الرخيصة عامل رئيسي. ولكنه ليس العامل الوحيد.

      السبب: اذا كانت المنشآت قادرة على جلب المزيد من اليد العاملة الرخيصة فإنها (لا) تستمثر في المعدات والاجهزة التي تزيد انتاجية العامل لانها لا تحتاج لذلك بسبب رخص العنصر البشري.

      Reply
  7. حاتم السحيباني

    لو استثنينا النفط الخام من الناتج المحلي والصناعات البتروكيميائية المدعومة فماذا ستكون انتاجيتنا؟ وكذلك عائدات السياحة الدينية.؟ لاشيء

    Reply
  8. حسام الغيلاني

    لكل شئ ضريبته عزيزي عصام، المطالبة برفع الإنتاجية المرتبط بزيادة الاستثمار في اليد العاملة أو ترك “عادة” استخدام اليد العاملة الرخيصة لصالح المدربة والمؤهلة، يعني ارتفاع كلفة الإنتاج، والحصيلة: إرتفاع الأسعار على المستهلك، هكذا تقول المعادلة “البلدي”.

    السؤال هنا: هل ميزانية الفرد في السعودية قادرة على مواكبة هذا المطلب في ظل توزيع القوى العاملة “السعودية” على القطاعات الإنتاجية، ومتوسط دخل الفرد السعودي.

    هناك وسائل أخرى لرفع الإنتاجية، وتحديداً المرتبط منها بطريقة إدارة المدخلات بفاعلية وكفاءة، ابتداء بزمن الانتاج، وطريقة الإنتاج، وإدارة المواد وسلاسل الامدادات، وصولا إلى استبدال العنصر البشري بأفكار الأتمتة. وهذه كلها أفكار لا زالت تعاني الأمرين في القطاعات الإنتاجية السعودية، الحكومية والخاصة على حد سواء. لا زلنا نعاني من ثقافة الفوضى والعشوائية و “على البركة”، وغياب التحفيز في المقابل.

    Reply
    1. عصام الزامل Post author

      انا ذكرت انه ما يوجد حافز لرفع الانتاجية. أيا كانت الطريقة.

      والسبب رخص العمالة.

      القطاع الخاص بالنهاية يعمل بهدف الربحية. ولن يستمثر شيئا في رفع الانتاجية ما دام قادرا على الحصول على نفس النتائج باليد البشرية الرخيصة.

      Reply
    2. أحمد بن عبدالله

      أستاذ حسام.. المعادلة “البلدي” منطقية جداً لو كان اقتصادنا معتمداً على ذاته بشكل كبير.. الحقيقة أن اقتصادنا مفتوح “على الآخر” ونكاد نستورد كل شيء تقريباً.. لا يوجد لدينا تصنيع حقيقي بإستثناء المواد الإستهلاكية البسيطة (حتى هذه المواد نستورد منها نصف احتياجتنا تقريباً)..

      اليد العاملة المحلية المؤهلة ستزيد فعلياً من كلفة كم بسيط من المواد.. وسيرتفع المستورد كذلك لسبب يعلمه الرقيب الغائب..

      شكراً لك..

      Reply
  9. عبدالحميد العوض

    أنا شخصيا كنت كل سنة أرى أرقام المالية … و أقول في نفسي هذا الأرقام مغلوطة نسمع عن النمو بس ما نشوف شيء

    الآن بس فهمت
    كل الشكر على تبيان هذا الموضوع

    Reply
  10. Tareq Almunajem

    Essam

    I have no data to agree with you whither the per head productivity have decreased or not, but you are making it so dramatic here. There is nothing called “productivity decreased by 105%” ! This statement means that we used to produce 100 units in the 80’s, and today we do not produce anything, but we still consume 5 units. What you mean is that the growth in workers have been greater than the growth of the GDP. In fact, this fact alone is so bad to write about!

    Reply
  11. امال

    السلام عليك استاذ عصام عندي بحث بسيط يتناول بعض الامور عن الانتاجيه الاستهلاك والاستيراد اذا ممكن تقراءه وتقيمه :)

    Reply

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <s> <strike> <strong>