Monthly Archives: مايو 2014

السعودة الإيجابية والسعودة السلبية؟

هل هناك سعودة إيجابية وسعودة سلبية؟ كيف نميز بينهما؟ وهل يمكن أن تؤدي السعودة إلى إبطاء النمو الاقتصادي؟ لا شك أن إيقاف استقدام العمالة الاجنبية أو طرد الموجود منهم حاليا سيؤثر سلبا على حركة الاقتصاد وعلى التنمية الاقتصادية في المملكة، بالإضافة إلى أنه سيتسبب في رفع معدلات التضخم بشكل كبير. وفي نفس الوقت نعلم أن استمرار تدفق العمالة الرخيصة أمر غير قابل للاستدامة وله سلبيات كبيرة جدا. ولذلك لكي نتمكن من تصنيف السعودة الإيجابية والسلبية يجب علينا أولا أن نجزئ النشاطات الاقتصادية التي تعمل بها العمالة الوافدة – وخاصة العمالة الرخيصة. وأرى أن تقسيم الاقتصاد إلى قطاع تشغيلي وقطاع مراكم لرأس المال سيكون تقسيما مناسبا.

القطاع المراكم لرأس المال هو أي نشاط اقتصادي يؤدي إلى زيادة حجم رأس المال المنتج في الاقتصاد، وعلى رأسه قطاع المقاولات، فعندما يقوم الوافد ببناء برج أو مجمع سكني أو مصنع أو مجمع تجاري، فهو يزيد من مراكمة رأس المال في الاقتصاد. رأس المال هذا سيرفع من الإنتاجية ومن حجم الاقتصاد، وأي إبطاء لهذه العملية يعني إبطاء للتنمية الاقتصادية. في المقابل، أي نشاط اقتصادي يقوم على تشغيل رؤوس الأموال تلك، مثل العامل الذي يعمل على تشغيل المصنع، أو البيع في المجمع أو غيره، فهذا يصنف ضمن القطاع التشغيلي.

في حالتنا، يفترض أن يتم التركيز على سعودة الجانب التشغيلي من الاقتصاد، بأعلى نسبة ممكنة، فهذه نشاطات دائمة، وتوظف أعدادا كبيرة. أما القطاعات التي يتم من خلالها بناء رأس المال كالمقاولات فهي القطاعات التي لا يفترض أن تتم إعاقتها، لأنها تساهم في زيادة حجم الاقتصاد من خلال مراكمة رأس المال المنتج. فتقوم العمالة الوافدة، ببناء الاقتصاد، ويقوم المواطنون بتشغيل الاقتصاد.

انتهت البطالة.. فهل نلغي نطاقات؟

مع استمرار وزارة العمل في تطبيق أنظمتها الجديدة المتعلقة بتوطين الوظائف، وعلى رأسها برنامج نطاقات، بدأ الجميع يلاحظ انحسارا ملحوظا وحقيقيا في معدلات البطالة خاصة بين الذكور، وأكبر المؤشرات دلالة على انخفاض أعداد العاطلين هو الارتفاعات الكبيرة في رواتب الوظائف المتدنية، التي تجاوزت في بعض الأحيان 5500 ريال، بينما كانت قبل سنتين لا تتجاوز 3500 ريال وكانت لا تصل لألفي ريال قبل خمس سنوات. هذا الانخفاض في معروض العمالة الوطنية، دفع بعض التجار وأصحاب الأعمال إلى المطالبة بتخفيف قبضة قوانين وزارة العمل، وتقليل نسب السعودة المطلوبة في نطاقات، زاعمين أنهم غير قادرين على أن يجدوا باحثين عن العمل من المواطنين. فهل يجب على وزارة العمل أن تقلل نسب التوطين في نطاقات إذا انخفضت نسب البطالة؟
الحجة الرئيسية لأرباب العمل، أنهم غير قادرين على إيجاد موظفين سعوديين راغبين بالعمل، هذه الحجة من أضعف الحجج التي يمكن أن يسوقها أرباب العمل، ليس لأن البطالة لم تنخفض بين الذكور، البطالة فعلا وصلت لمستويات متدنية نسبيا. ولكن لأن أعداد السعوديين في القطاع الخاص والعام تتجاوز المليونين. ويمكن لأي صاحب عمل أن يستقطب أيا من هؤلاء السعوديين من خلال إغرائه براتب أو مزايا أفضل من وظيفته الحالية.
تقليص أعداد العمالة الوافدة يجب أن يكون استراتيجية دائمة، وليس خطة قصيرة المدى بهدف تقليص البطالة الحالية، تقليص البطالة هو هدف مرحلي، ولكن رفع مستويات الأجور في القطاع الخاص للسعوديين هو هدف مهم أيضا، أما الهدف الأهم فهو رفع الإنتاجية والكفاءة من خلال الأتمتة وتحسين الإجراءات الإدارية. باب إغراق السوق بالعمالة الرخيصة تم إغلاقه، وأتمنى أن لا يفتح أبدا حتى لا نرجع لنقطة الصفر من جديد.