Monthly Archives: مايو 2013

الاستطلاع الشامل – المؤشرات الاقتصادية

نشرت قبل أيام استطلاعا على تويتر بغرض استقراء آراء السعوديين على تويتر ودراسة الحالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ورغم طول الاستطلاع الذي يحتاج لحوالي 15 دقيقة لإنهائه للإجابة على أكثر من 70 سؤالا، فقد شارك بالاستطلاع 6150 شخص، وقد تم نشر الاستطلاع على نطاق واسع في تويتر من خلال بعض الحسابات الشهيرة مثل الشيخ محمد العريفي والشيخ سلمان العودة والإعلامي بتال القوس والكاتب محمد الرطيان ومالك نجر وفراس بقنة، والذين يتجاوز مجموع متابعيهم 10 مليون متابع – بعضهم متابعين مشتركين لاكثر من حساب، وكان الهدف من أعادة نشر الاستطلاع من خلال تلك الشخصيات هو ضمان الوصول لأكبر شريحة ممكنة من السعوديين على تويتر وبأقصر وقت ، وبالتالي يمكننا أن نضمن لنسبة تمثيل مرضية للمشاركين في الاستطلاع تشمل غالبية السعوديين المتواجدين على تويتر والذين يتجاوز عددهم 6 مليون سعودي يمثلون أكثر من نصف البالغين من السعوديين.

هدف الاستطلاع كان استكشاف آراء السعوديين في عدة مجالات، اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية، حيث أننا نفتقد لأي مراكز دراسات او مراكز استطلاعات تعني بمعرفة آراء المواطنين والمجتمع تجاه القضايا التي قد نختلف عليها لسنوات طويلة من خلال الإعلام المقروء أو المرئي ولكننا لم نفكر في أن نعرف رأي الشارع تجاهها. وتستمر الحوارات والنقاشات في حلقة مفرغة رغم أن القضية قد تبدو ثانوية بالنسبة لغالبية المجتمع، أو قد تكون محسومة من قبل المجتمع ويفترض أن ينظر لها كمسلمة يقبل بها المجتمع وينتظر تنفيذها فقط. هذا ينطبق ايضا على كثير من التحليلات الاقتصادية التي تفتقد في كثير من الاحيان لمصدر موثوق يسهّل على المحلل الوصول لاستنتاجات دقيقة.

سأقوم خلال الفترة القادمة بتحليل نتائج الاستطلاع وتسليط الضوء على أهم النتائج الاقتصادية والاجتماعية. ومن أبرز الارقام التي يمكن الاستفادة منها هي أرقام دخل المواطنين ونسب امتلاك السكن ونسب البطالة بالاضافة لبعض المؤشرات التي تهم بعض المختصين مثل الثقة بقنوات الاستثمار ومستوى الادخار لدى المواطنين وغيرها.

من خلال إجابات المشاركين يتبين أن معدلات الدخل يتراوح أغلبها بين 7 آلاف و 15 ألف ريال، وهي قريبة من رواتب موظفي الحكومة الذين تشكل نسبتهم الغالبية العظمى من الموظفين السعوديين، أما نسب البطالة – والتي سأكتب عنها لاحقا بتفصيل أكبر – فتصل بين الذكور لحوالي 7.5% مقارنة بأكثر من 54% بين الإناث. وهذه نسب من أجابوا بأنهم لا يعملون بأي وظيفة ويبحثون عن وظيفة وغير منتظمين بالدراسة. أما القنوات الاستثمارية فأظهر الاستبيان أن سوق الاسهم حاز على أسوأ تصنيف يليه صناديق البنوك ثم المساهمات العقارية ثم المشاريع التجارية الصغيرة ثم المشاريع العقارية ذات العائد السنوي كالعمائر السكنية، ويبدو أن المجتمع فقد ثقته بنسبة كبيرة بسوق الاسهم بعد أزمة سوق الأسهم قبل سنوات، ومازال الاستثمار ببناء العمائر السكنية هو الأبرز في نظر غالبية المواطنين.

housing_surveyأما نسب امتلاك السكن وهي التي سيتم التفصيل فيها في هذا المقال، فقد كانت نسبة امتلاك المساكن أقرب للتقارير التي تنشرها البنوك وبعيدة جدا عن الأرقام الحكومية الرسمية التي تنشرها مصلحة الاحصاءات، حيث لم تتجاوز نسبة الذكور المتزوجين الذين يمتلكون شقة أو بيت 26%، بينما يسكن حوالي 64% في شقة أو بيت أو دور إيجار، والبقية – حوالي 10% – يسكنون مع أحد أقاربهم. وحتى نصل لتصور أوضح، فقد قمت بتفصيل الشرائح العمرية لمعرفة نسب امتلاك السكن في كل شريحة عمرية (شاهد الرسم البياني)، حيث كانت نسب الامتلاك للمتزوجين الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 22 و 30 سنة أقل من 16% ومن تتراوح أعمارهم بين 30 و 35 سنة نسبة التملك حوالي 20% ومن تتراوح أعمارهم بين 35 و 40 نسبة نسبة التملك 22%، ونلاحظ فقزة في نسبة التملك لمن تتراوح أعمارهم بين 40 و 50 سنة لتصل إلى 49% ثم تصل نسبة التملك لمن يزيد عمرهم على 50 سنة لأكثر من 75%، يبدو أنه بالإضافة إلى أن المواطن ترتفع قدرته الشرائية مع مرور السنوات، لكن من الواضح أن الأجيال السابقة كانت معاناتها اقل بكثير من الأجيال الحالية فيما يتعلق بامتلاك المسكن.

رابط الاستطلاع

housing_survey2

مركبات الموت

“نشر مؤخرا تقرير يدّعي أن السيارات ستصل سرعتها لأكثر من 100 كيلومتر في الساعة، هذا التقرير الحالم الذي يرّوج لمنافع الوصول لهذه السرعات، هو مجرّد منشور إعلاني وليس له قيمة علمية، فهذه السرعات يستحيل الوصول لها في المركبات التي يقودها الأفراد غير المحترفين، وتجاهل التقرير الأخطار الجسيمة لمركبات تسير بهذه السرعات العالية جدا، والتي تشكل تهديدا كبيرا على الأرواح.

لقد تناسى التقرير أن أي مركبة تصل سرعتها لأكثر من 100 كيلو متر في الساعة وتصطدم بأي جسم آخر ستتهشم ويتهشم معها قائدها وكل ركابها، فقدرة الإنسان المحدودة تجعله عاجزا عن تفادي حالات الاصطدام في هذه السرعة، لأن ردة الفعل البشرية تتأخر أجزاء من الثانية، ولكن هذا التأخير كفيل بحدوث اصطدام مميت. كما أن المكابح مهما بلغت قوتها فإنها لن تستطيع إيقاف السيارة بالوقت المناسب، فقوة الدفع الذاتي ستجبرها على الانزلاق، وحتى لو استطاعت تلك المكابح أن توقف السيارات لحظيا فإن السائق لن يستطيع البقاء في كرسيه وستتهشم عظامه داخل المركبة أيضا. بالإضافة لذلك فإن الإطارات التي تصنع منها عجلات السيارة لا يمكنها تحمل الحرارة العالية، فعند الوصول لهذه السرعة المرتفعة سترتفع درجة حرارة الإطار وقد يؤدي ذلك لانفجار لحظي للإطار، هذا الانفجار سيؤدي حتما إلى إنقلاب السيارة أو اصطدامها بسيارة أخرى وتعريض حياة الناس للخطر. الخطر لا يقتصر على ركاب السيارة أو قائدها أو حتى ركاب المركبات الأخرى، ولكنه يتعدى أيضا إلى تهديد المشاة في الطرقات، هذه المركبات التي تنتقل بسرعات عالية جدا، ستحصد أرواح الآلاف من الناس الذين يتنقلون مشيا على أقدامهم في الطرقات العامة.

المقلق هو أن لا يكون ذلك التقرير مجرد تقرير عابر، وإنما قد يكون بالون اختبار أطلقه صنّاع السيارات لمعرفة ردة فعل الناس والخبراء تجاه انتاج سيارة بهذه السرعات المميتة، من المؤسف أن يصل الجشع وحب المال لدرجة تدفع البعض لصناعة تلك المركبات التي يمكن تسميتها بمركبات الموت، وتمرير ذلك من خلال دغدغة مشاعر الناس بأن ذلك سيزيد من راحتهم ورفاهيتهم وربما انتاجيتهم، إننا هنا نتحدث عن أوراح بشرية قد تُحصد بالآلاف، ولا قيمة للراحة أو الانتاجية او غيرها عندما يكون نقاشنا عن الأنفس البشرية، يجب أن تعمل السلطات جاهدة لمنع أي شركة سيارات تفكّر في إنتاج مركبات الموت تلك، ويجب أن نعمل جميعا للتنبيه من أخطارها وعواقبها على المجتمع”.

المقال السابق هو مقال (تخيّلي) مفترض كتبه أحد النقاد ردا على تقرير (تخيّلي) نشر عام 1900 ميلادي يتنبأ بأن سرعة السيارات ستصل لأكثر من 100 كيلو متر في الساعة. المقال من الناحية النظريّة كان موضوعيا، وأغلب ما كتب فيه حقيقي، فوصفه لمخاطر السيارات بهذه السرعات أمر واقع نشاهده يوميا، فحوادث السيارات تحصد أرواح أكثر من 1.2 مليون شخص سنويا، وهي السبب الرئيسي للوفاة لمن هم بين سن 10 و 24 سنة، وتكلفة هذه الحوادث سنويا تزيد على 518 مليار دولار.

ولكن رغم كل تلك المخاطر والتكاليف البشرية والمادية فإن السيارات أصبحت جزءا أساسيا من حياة كل الناس وجزءا اساسيا من اقتصاد أي دولة، ولا أعتقد أن أي شخص يمكنه التفكير في منع قيادة السيارات، فالأمور لا تقاس بحجم المخاطر فحسب، وإنما أيضا بحجم المنفعة. من السهل جدا سرد سلبيات أي اختراع جديد، أو سلبيات أي قانون جديد، أو سلبيات أي تغيير، ولكن الصعب هو معرفة المنافع التي سيجنيها الناس من هذا (الجديد) أيا كان. عندما نقرأ أي نقد أو سرد للسلبيات يجب أن نضع نصب أعيننا أولا حجم المنفعة، ومن خلال ذلك يمكننا الحكم على الأشياء واتخاذ الموقف المناسب تجاه ذلك الجديد. وأخيرا، تقارير حكومية في أمريكا قارنت عدد قتلى حوادث الطرقات خلال المئة سنة الماضية، وجدت أن معدل الوفيات بسبب المركبات التي تجرها الخيول قبل مئة سنة يساوي 7 أضعاف عدد الوفيات بسبب حوادث السيارات اليوم.

ترشيح المدونة لجائزة المنتدى الإعلامي العالمي

bobs_logoتم بفضل الله ترشيح مدونتي لجائزة المنتدى الإعلامي العالمي والتي تنظمها دويتشه فيله الألمانية. وتختص هذه الجائزة لهذه السنة بالمواقع الاقتصادية المهتمة بالتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي.

موقع الجائزة: https://thebobs.com/arabic/

أرقام مصلحة الإحصاءات هل تعكس الحقيقة؟

أصدرت مصلحة الإحصاءات العامة التابعة لوزارة الاقتصاد والتخطيط تقريرها السنوي لمسح القوى العاملة لعام 2012، هذا التقرير كان وما زال يثير التساؤلات بالنسبة لي أكثر مما يجيب عليها، فكثير من الأرقام الواردة لا تبدو واقعية، وكثير منها يتناقض مع أرقام تصدرها جهات رسمية أخرى، وأكثر الأرقام المثيرة للتساؤل هي الأرقام المتعلقة بعدد (المشتغلون السعوديون من الذكور)، فالأعداد والتصنيفات لا تبدو منطقية، ويشعر الشخص لوهلة أن من قام بإعدادها والعمل عليها ملأ الخانات اعتباطا، أو أنه أخفى بعض المعلومات تعمدا لهدف أو لآخر.

أول رقم يلفت النظر هو إجمالي عدد السعوديين الذكور المشتغلون، حيث تشير النشرة إلى أن عدد هؤلاء هو حوالي 3.6 مليون سعودي. هذا الرقم لا يتسق مع إجمالي عدد الموظفين الذكور في القطاع الخاص والقطاع الحكومي، حيث يعمل في القطاع الخاص حوالي 700 ألف سعودي، أما القطاع الحكومي المدني فيعمل به حوالي 589 ألف، بينما يعمل في القطاع الحكومي غير المدني الذي يشمل القطاع العسكري والأمني – حسب تقديرات غير رسمية – حوالي 700 ألف، هذا يعني أن مجموع الموظفين من السعوديين الذكور في كل القطاعات لا يتجاوز 2 مليون سعودي، فكيف وصل رقم مصلحة الإحصاءات لأكثر من 3.6 مليون؟ هل يعقل أن لدينا أكثر من 1.6 مليون رجل أعمال سعودي متفرغ بما أنهم الوحيدين الذين لا يعملون بوظيفة؟

وعندما ننظر لتصنيفات الموظفين ستزداد الغرابة وستزداد معها التساؤلات، فأكبر تصنيف في النشرة هو تصنيف الإدارة العامة، وبما أن المصلحة تدّعي استخدام المعايير العالمية في التصنيف، فهذا يعني أن تصنيف الإدارة العامة هو لموظفي الحكومة التي تشمل مهامهم إدارة الحكومة بالاضافة للوظائف العسكرية والأمنية. عدد هؤلاء من السعوديين الذكور حسب النشرة يصل لأكثر من 1.56 مليون. وهذا الرقم لا يتضمن المدرسين ولا يشمل العاملين في القطاع الصحي، وهذان القطاعان من أكبر القطاعات الحكومية، حيث تشير نفس الاحصائية أن عدد السعوديين الذكور العاملين في مجال التعليم يصل لحوالي 579 ألف أما القطاع الصحي فالعدد يصل لحوالي 190 ألف. لذلك يبدو رقم 1.56 مليون كبيرا جدا، فعدد موظفي الحكومة من غير العاملين في المجال التعليمي ومن غير العاملين في القطاع الصحي لا يتجاوز 290 ألف حسب الأرقام المنشورة في وزارة الخدمة المدنية، وهذا يبقي من الرقم الإجمالي لتصنيف الإدارة العامة حوالي 1.27 مليون، فهل يعقل أن كل هؤلاء يعملون في القطاع العسكري والأمني؟ أم أن الرقم المتداول للقطاع العسكري والأمني وهو 700 ألف هو الصحيح ولكن الرقم لعدد العاملين بالادارة العامة وضع اعتباطا؟ سنحلل تصنيفا أخرى لمعرفة دقة الأرقام، حتى نتمكن من الوصول لاستنتاج أفضل في مصداقية أرقام مصلحة الإحصاءات.

بناء على النشرة عدد العاملين في مجال التعليم من السعوديين الذكور هو حوالي 579 ألف، وعند الرجوع لأرقام وزارة الخدمة المدنية نجد أن عدد العاملين في مجال التعليم من السعوديين في القطاع الحكومي هو حوالي 246 ألف، أما في القطاع الخاص وحسب أرقام وزارة العمل فإن عدد السعوديين الذكور العاملين في مجال التعليم هو حوالي 40 ألف، أي أن إجمالي العاملين في مجال التعليم من السعوديين الذكور لا يتجاوز 290 ألف. فكيف وصل رقم مصلحة الإحصاءات لأكثر من 579 ألف؟

الغموض الذي يلف أرقام مصلحة الإحصاءات لا يقتصر على هذا المسح المتعلق بالقوى العاملة فقط. بل أنه سمة مشتركة لأغلب تقاريرهم، المصلحة يفترض أن تكون المصدر الأول للمعلومات لكل ما يتعلق بالاقتصاد، فإذا كان المصدر الرئيسي لتلك المعلومات ينشر بيانات غير دقيقة أو مضللة، فكيف يمكن التخطيط والاستعداد للمستقبل؟ وكيف يمكن إصدار أي قرار اذا كانت غالبية البيانات غير دقيقة؟ أما إذا كان هناك تعمّد في إخفاء الحقيقة، فتلك طامة كبرى، وسنحصد نتائجها السيئة إن عاجلا أو آجلا.