Monthly Archives: مارس 2012

خطوة في طريق تحرير صناعة الإسمنت

في قرار تاريخي لوزارة التجارة، أعلنت الوزارة عن تثبيت أسعار بيع الإسمنت من المصانع ليكون 12 ريال للكيس. وسعر بيعه في منافذ البيع للمستهلك النهائي بـ 14 ريال للكيس. سعر كيس الإسمنت قبل هذا القرار كان يباع بـ 13 ريالا من المصنع. وهو سعر تعارفت عليه المصانع ولم يكن هناك تثبيت للسعر. أما السعر للمستهلك النهائي فكان يتفاوت بشكل كبير. مما فتح الباب للسوق السوداء والتلاعب خاصة مع زيادة الطلب حسب المواسم.

تثبيت الأسعار رغم أنه يتنافى مع مباديء حرية الأسواق، إلا أنه في هذه الحالة هو الحل الأمثل، والسبب الرئيسي في ذلك أن سوق الإسمنت غير محرر، فهذا السوق مدعوم بشدة من قبل الدولة من خلال تزويده بالوقود الرخيص جدا الذي لا يتجاوز سعره لهذه المصانع 5 دولارات. كما أن باب التصاريح شبه مقفل، ومن شبه المستحيل أن يتمكن مستثمر من دخول هذا السوق رغم الأرباح الفلكية التي يمكن أن يجنيها، حيث يزيد صافي ربح هذه المصانع على 50% سنويا.

إن خطوة تثبيت الأسعار يجب أن تكون تمهيدا للتحرير الحقيقي لسوق الإسمنت، بحيث يفتح الباب على مصراعيه للمستثمرين للإستثمار في هذا المجال وإنشاء مصانع الإسمنت، وهذا سيؤدي لزيادة المعروض والطاقة الإنتاجية بشكل كبير، مما سيدفع الأسعار للنزول بشكل أكبر حتى تصل هوامش الربح للنقاطات المعقولة ماليا والتي تتراوح بين 10%-15%. وهي المعدلات الطبيعية لهذه الصناعة في بقية الصناعات وبقية دول العالم. كما أن زيادة الطاقة الإنتاجية حتى لو كانت غير مستغلة ستعمل على حماية السوق من أي زيادات مفاجأة في الطلب، وبالتالي نضمن استمرار تدفع هذه السلعة من دون تغييرات كبيرة في الأسعار. كما أن كل التخوفات من فتح هذا السوق كالهدر الكبير للوقود المدعوم، يمكن حلها من خلال منع التصدير للإسمنت، بالتالي سنضمن أن هذه السلعة المدعومة ستستهلك داخليا فقط، ولن يكون هناك تسرب لموارد الوطن من خلال تصدير الإسمنت. والطاقة المستهلكة في الإنتاج ستوازي في آخر الأمر الكميات التي يحتاجها السوق المحلي.

أخيرا، من شبه المؤكد أن شركات الإسمنت ستعمل جاهدة لمقاومة هذا القرار ومحاربته إعلاميا والعمل على إجهاضه، ومن واجبنا أن ندعم مبادرة الوزير لحل هذه المشكلة، وأن ندعم القرار بكل الوسائل، وستتباكى هذه الشركات من خلال نشر معلومات مضللة، وأغلبها معلومات يسهل دحضها من خلال مراجعة قوائمها المالية المنشورة علنيا.

سوق الأسهم… هناك خاسر دائما

في مقال الأسبوع الماضي سلطنا الضوء على ما يحدث بسوق الأسهم من ارتفاعات، وبيّنا خطورة الدخول بهذا السوق لغير المختصين أو لغير (الكبار). وتضمن المقال الإشارة إلى أن الاستثمار هو الخيار الأمثل في هذا السوق، ويمكن من خلال الاستثمار أن يربح الجميع، أما المضاربة فهي دائما بها خاسر ورابح. وغالبا ما تكون الغلبة في الربح للأقوى. في هذا المقال سأكتب توضيحا مبسطا لآلية المضاربة حتى تتضح نقطة أن هناك خاسر (دائما).

المضاربة في الأسهم هي شراء أسهم بسعر معين بهدف بيعه بسعر أعلى في وقت لاحق وتحقيق الربح، وغالبا ما يكون البيع خلال فترة زمنية قصيرة تمتد من يوم واحد حتى بضعة أشهر. فحتى يربح أي مضارب فيجب عليه أن يجد شخصا آخر يشتري منه بسعر أعلى. وحتى يربح الجميع فيجب أن تستمر السلسلة إلى الأبد. أي يجب أن يجد كل مشترٍ للأسهم شخصا ليشتريها بسعر أعلى. وهذا أمر مستحيل، فالأسهم لا يمكن أن تستمر في الإرتفاع للأبد. واذا كان هناك ارتفاعات ليس لها أساسي مالي متين كزيادة في الأرباح أو غيره، فهذه الزيادات ستتوقف. وعندها فإن آخر من اشترى من هذا السهم سيكون خاسرا لا محالة. وهذه المعادلة، أي وجود خاسر مقابل كل رابح هي مسألة رياضية يستحيل الإخلال بها. ولايوجد أي حالة يمكن أن تجنب الناس حدوثها. وهذه الحالة تسمى لعبة ذات محصلة صفرية (zero sum game)، لأنه لايوجد خلق للثروة أو الربح عند المضاربة بالأسهم وإنما تناقل لسلعة من شخص لشخص وبأسعار متغيرة، أحدهم سيربح والآخر سيخسر.

إن الوهم الذي يزرعه البعض في أذهان الناس بإمكانية التربح السريع من خلال المضاربة بسوق الأسهم يجب أن يتم كسره، ويجب أن تكون الصورة واضحة بجلاء للجميع، أن المضاربة دائما ما يكون هناك طرف خاسر. وحتى لو كان هناك حالات ربح كبير للبعض فإن هناك الكثيرون مقابل كل شخص يربح خسروا رؤوس أموالهم. ومن أفضل الأوصاف التي قليت باسواق الأسهم: سوق الأسهم خدعة كبيرة وقودها البسطاء.

سوق الاسهم… للكبار فقط

عاد الزخم من جديد لسوق الأسهم، وتجاوز حجم التداول عشرة مليارات يوميا، وكسر المؤشر أرقاما لم يصل لها منذ أربع سنوات. ومع هذه العودة عاد موضوع الأسهم ليتصدر أحاديث المجالس، وبدأت الإشاعات والتوصيات تنتشر بين الناس. وبدا لأول وهلة أن التاريخ يعيد نفسه، وكأن درس كارثة الأسهم في 2006 لم يكن كافيا، حيث أن الكثير بدأ يتحدث الآن عن تعويض خسائره في الانهيار الماضي.

ابتداءً يجب أن نؤكد أن هناك فرصا استثمارية ممتازة في سوق الأسهم، وبعض الأسهم كانت عوائدها تزيد على 7% سنويا. وهو رقم قريب من عوائد الاستثمارات العقارية كالشقق وغيرها. وهذا النوع من الاستثمار الذي يعتمد على قوة الشركة ونموها وأرباحها الموزعة هو استثمار إيجابي، يستفيد منه كل من يستثمر، ولا يوجد فيه خاسر ما دامت الشركة تنمو وتربح.

لكن الذي يحدث الآن أن الزخم منصب على المضاربة على شركات ضعيفة في كثير من الأحيان، لا تربح وليس لها مستقبل واضح، ويتم التداول بها بكميات كبيرة بغرض رفعها بلا أساس استثماري أو منطقي. بعض هذه الشركات ارتفع أكثر من 500% خلال اشهر، وهي شركات أداؤها المالي سيء جدا. هذه الأرباح السريعة والتي تبدو سهلة، ستجذب كثيرا من صغار المستثمرين الباحثين عن الربح السريع. وسيؤدي ذلك لمزيد من الارتفاعات حتى نصل لذروة جديدة لا يمكن أن يستمر بعدها الارتفاع وتنهار الأسهم دفعة واحدة ويتضرر كل من دخل كمضارب، وخاصة صغار المستثمرين، الذين عادة ما يكونون آخر من يعلم عن قرب الإنهيار.

مالا يعيه البعض، أن المضاربة في سوق الأسهم دائما ما يكون فيها خاسر ورابح، عكس الاستثمار طويل المدى، لايمكن لشخص يربح من خلال المضاربة أن لا يكون مقابله شخص خاسر. فالسؤال المطروح، من الأقدر على الربح؟ هل هو المستثمر الصغير الذي وضع 20 ألف ريال او 50 ألف ريال؟ أم المستثمر القادر على تحريك السوق بملياراته؟ أو المستثمر الذي يحرك عددا كبيرا من المضاربين من خلال مايسمى بالجروبات؟ أم المضارب الذي يحصل على معلومات داخلية من خلال مجالس الإدارة؟ الأكيد أن المستثمر الصغير هو الحلقة الأضعف من بين هؤلاء. فنصيحتي، إن لم تكن واحدا من هؤلاء فالأفضل لك هو الابتعاد عن هذا السوق، حتى لو أغراك السوق بربحه السريع، فهذه الأرباح مردها الخسارة إن عاجلا أو آجلا.

وأخيرا فإن الواجب على الهيئات التنظيمية مثل هيئة سوق المال أن تعمل على إيقاف هذا الهيجان، وأن تقوم بضبط السوق بما يضمن حقوق صغار المساهمين، كما يجب على البنوك أن توقف التمويلات المبالغ فيها التي تشحن سوق الأسهم وتزيد من المضاربة، فليس من مصلحة أحد إطلاقا أن تتكرر كارثة 2006.