Monthly Archives: مارس 2011

هل سيصل معدل البطالة لـ 40 بالمئة؟

شبح البطالة يطل برأسه القبيح، ويزداد هذا الشبح بشاعة واقترابا مع مرور الأيام، وبعد القرار الأخير بمنح بدل عطالة للباحثين عن العمل سينكشف الحجم الحقيقي لهذه الأزمة. حيث أنها المرة الأولى التي يجد فيها العاطلين عن العمل حافزا ماديا للتسجيل في مكتب العمل والإعلان عن كونهم باحثين عن العمل عاجزين عن إيجاد وظيفة، فغالبية العاطلين كانوا لا يكترثون بالتسجيل لأنهم يعتقدون أنه مضيعة للوقت والجهد، فجل الوظائف التي يعرضها مكتب العمل هي وظائف لا تتناسب مع طموحات غالبية الشباب لا من الناحية المادية ولا من الناحية الإجتماعية، فرواتبها متدنية، وساعاتها طويلة، ولا مستقبل مهني لها.

قبل أن نبدأ بتحليل الوضع الحالي لسوق العمل وحجم البطالة، سنلقي الضوء على تعريف البطالة، وأسبابها بشكل نظري عام، بالإضافة إلى الطريقة الإقتصادية لاحتسابها. تعريف البطالة ببساطة: هو عدم قدرة الشخص على إيجاد وظيفة (تناسبه). حيث أن العاطلين عن العمل ليس بالضرورة غير قادرين على إيجاد أي وظيفة على الإطلاق، وإنما هم عاجزين عن إيجاد وظيفة تناسب الوضع الإجتماعي القائم في البلد وتناسب المؤهلات التي يحملها الشخص. فعندما نسمع أن هناك عشرات الألوف من الجامعيين العاطلين، فهذا لا يعني أنهم غير قادرين على إيجاد عمل بمرتب 1200 ريال على سبيل المثال، وإنما هم غير قادرين على إيجاد عمل بدخل يتناسب مع مؤهلاتهم مقارنة بأقرانهم ممن يشاركونهم العمر والمؤهل والمدينة ويعملون في وظائف، وهذا الوضع ينطبق على كل دول العالم وهو لا يختص بدولة أو أخرى. أما طريقة إحتساب نسبة البطالة فهي إجمالي عدد الباحثين عن العمل تقسيم إجمالي القوى العمالة. أما إجمالي القوى العمالة فهو إجمالي عدد الذي يعملون أو يبحثون عن عمل.

هناك خلل كبير بهيكل سوق العمل في السعودية، وهذا الخلل ناتج عن إدمان الاقتصاد المحلي على العمالة الرخيصة خلال العقود الماضية، ويتضح حجم هذا الخلل من خلال حجم القوى العاملة بالمقارنة بإجمالي عدد السكان في الشريحة العمرية لسن العمل. حيث أن إجمالي عدد من تتراوح أعمارهم بين 24 سنة و 64 سنة من المواطنين (ذكورا وإناثا) هو 8 ملايين نسمة تقريبا. أما من يعملون منهم في وظائف فعددهم لا يتجاوز 2.4 مليون (1.6 مليون في القطاع العام و 800 ألف في القطاع الخاص). أي أن نسبة من يعملون لا تزيد عن 30% أي أن ما يزيد على 5.6 مليون مواطن لا يعملون حاليا. مقارنة بـ74% في أمريكا و 67% في فرنسا. بالطبع، هذا لا يعني أن نسبة البطالة في السعودية 70%. ولكن الأكيد، أن نسبة كبيرة ممن لا يعملون حاليا هم في الحقيقة يرغبون بالعمل ولكنهم يائسون من إيجاد وظيفة تناسبهم. وسنتمكن من معرفة نسبة هؤلاء بشكل دقيق بعد أن فتح الباب لتسجيلهم للحصول على بدل العطالة.

عدد المسجلين حتى هذه اللحظة في برنامج (حافز) بناءا على إعلان مكتب العمل يصل لـ2 مليون مواطن. وعدد من يزورون الموقع يوميا يزيد على 100 الف زائر حسب إحصاءات مواقع عالمية*، أي أن إجمالي المسجلين قد يصل لأربعة ملايين أو حتى خمسة ملايين خلال أشهر قليلة. وحتى لو قامت الوزارة بتنقيح قوائم المسجلين والتأكد من جديتهم في البحث عن عمل، فالعدد لن يقل بأي حال من الأحوال 2 مليون مواطن ومواطنة يبحثون عن عمل ويرغبون بأخذ بدل العطالة حتى يتمكنون من إيجاد وظيفة تناسبهم. ونعلم أنه لا توجد وظائف كافية، فهناك أكثر من نصف مليون باحث عن عمل حاليا لم تتمكن الوزارة من إيجاد وظائف لهم. هذا يعني أن نسبة البطالة بأقل الأحوال لن تقل عن 40% (2 مليون عاطل تقسم على إجمالي القوى العاملة التي ستكون 4.4 مليون).

المشكلة لا تتوقف عند هذه النقطة، فأعداد الداخلين لسوق العمل يزيدون على 200 ألف مواطن سنويا أي اننا سنضيف على أعداد العاطلين الحاليين أكثر من 2 مليون باحث عن عمل جديد خلال العشر سنوات القادمة، كما أن بدل العطالة المرتفع (2000 ريال) سيدفع الكثيرين – خاصة من النساء اللائي لا تزيد رواتبهم عن 1300 ريال أو موظفي الأمن برواتب أقل من 2000 ريال – إلى ترك وظائفهم وتفضيل أخذ البدل، ومن غير المنطقي إجبارهم بالعمل في وظيفة يقل راتبه عن هذا البدل.

معدل 40% من البطالة رقم مفزع بكل المقاييس وهو قابل للزيادة أيضا، وعلاج هذه المشكلة لن يتم بالحلول التجميلية فهي لم تعد تجدي نفعا. والمراهنة على قدرة القطاع الخاص على حل المشكلة مراهنة خاسرة أيضا بالظروف الحالية، يجب أن يتم العلاج من جذور المشكلة، فقد كنا نتمنى لو أن هذا البدل كان جزءا من حزمة متكاملة لإصلاح سوق العمل، ابتداءا برفع تكلفة الإستقدام بشكل كبير لزيادة جاذبية توظيف المواطن، والبدء بحوافز اقتصادية تنموية لدفع القطاع الخاص للنمو بوتيرة أسرع ليتمكن من خلق وظائف ذات قيمة عالية تستوعب القادمين الجدد لسوق العمل، بالإضافة إلى ربط بدل العطالة بتدريب مستمر، حتى نضمن أن يدفع هذا البدل للجادين في البحث عن العمل وبنفس الوقت نرفع من قدرتهم الإنتاجية وجاذبيتهم للقطاع الخاص.

*تقدير عدد الزوار مبني على ترتيب الموقع في أليكسا ومقارنة عدد الزيارات في المواقع القريبة من هذا الترتيب

حتى تكتمل فرحتنا بالأوامر الملكية

استقبل المواطنون الأوامر الملكية بسعادة بالغة، حيث لامست هذه الأوامر احتياجات حقيقية ومباشرة للمواطن، سواءا كان ذلك بشكل فوري أو على المدى الطويل. وقد كانت أكثر القرارات تأثيرا على المدى الطويل هي تلك المتعلقة بعلاج البطالة وبدل البطالة، ورفع قرض صندوق التنمية العقاري وخطة بناء 500 ألف مسكن بتكلفة تزيد على 250 مليار ريال وأيضا هيئة مكافحة الفساد.
Continue reading

إصلاحات اقتصادية مؤلمة… فمن يجرؤ؟

في الوقت الذي كنا ننتظر فيه إصلاحات اقتصادية جذرية، تضع اقتصاد الوطن في الإتجاه الصحيح وتبدأ مسيرة التنمية الحقيقية، وتحوِّله من اقتصاد ريعي لاقتصاد منتج، يخلصنا من اعتمادنا شبه الكامل على النفط، عصفت على المنطقة أحداث سياسية استثنائية غيرت كل شيء، فأصبحت كثير من التغييرات والقرارات مستعصية بسبب ردود الفعل الشعبية السلبية المتوقعة لهذه القرارات، وتغير إتجاه البوصلة من إصلاحات اقتصادية، إلى اغداقات اقتصادية تكرس الاقتصاد الريعي.
Continue reading

السماء لا تمطر ذهبا

في تصريحه الأخير لوسائل الإعلام، أشار وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف أن الدولة قد تضطر للسحب من احتياطياتها من أجل تنفيذ قرارات الدعم الأخيرة. ورغم أن هذه الاحتياطيات مستثمرة في سندات أمريكية غير ذات قيمة، وعوائدها منخفضة جدا، ومعرضة لخطر إنخفاض الدولار في أي لحظة، إلا أن استخدام هذه الاحتياطيات في هذا النوع من الإنفاق الغير منتج بدل الإستثمار سيكرس النظام الاقتصادي الريعي الذي يعتمد عليه اقتصادنا بشكل كلي.
Continue reading