Category Archives: إحصائيات وأرقام

شكرا ساهر

لو قيل لك ادفع مبلغ ألفين ريال سنويا وسنضمن لك أن تتقلص احتمالية تعرضك أو تعرض أي من أفراد أسرتك لحادث قاتل بنسبة تتجاوز 30% فهل ستوافق؟ أجزم أن الغالبية العظمى سيجيبون بالموافقة، فلا شيء يعدل حفظ الأرواح، وكثير منّا يدفع مبالغ أكثر لأمور كمالية ليس لها أي أهمية، وكثير من الأسر تدفع مبالغ أكثر بكثير للتأمين الصحي وذلك لضمان العلاج لأفراد الأسرة في حال تعرضوا لأي مرض حتى لو كانت احتمالية ذلك بسيطة، فما بالك بالموت.

نشر مرور جدة إحصائية جديدة عن نظام “ساهر”، وبيّنت الإحصائية بشكل دقيق النتائج التي حققها النظام في جدة خلال سنة واحدة، ومن ضمن هذه النتائج هو انخفاض نسبة الوفيات الناتجة من الحوادث بنسبة 35% وذلك بفضل الله ثم بفضل نظام “ساهر”. هذه النسبة بكل المعايير كبيرة جدا، فأعداد الوفيات بسبب الحوادث في السعودية تتجاوز 7000 آلاف سنويا. وهو رقم ضخم يتجاوز عدد من قتلهم النظام السوري خلال سنة من الثورة! وفي كل أسبوع نسمع بأسرة تفقد أحد أفرادها بسبب حادث مروري وكأننا نعيش في حرب مستمرة. وبناء على الإحصائية فإننا لو طبقنا نظام ساهر في كل أنحاء المملكة فإننا قد نتمكن من حفظ أكثر من 2400 نفس، وهي نتيجة تجعلنا نفكر مرارا قبل أن نعترض على نظام ساهر.

نعم، قد يشوب آلية تطبيق نظام ساهر بعض السلبيات والعيوب، ولكن هل إتقان آلية التنفيذ الذي قد يتسبب في تأخير تطبيق النظام أو إبطاؤه أهم من حفظ الأنفس؟ حفظ النفس من أهم الضرورات الخمس التي عملت الشريعة على حمايتها. وهي تأتي بعد حفظ الدين، وتسبق حفظ العِرض وتسبق أيضا ضرورة حفظ المال. فلا يوجد مسوغ شرعي أو منطقي للإعتراض على المبالغ التي يدفعها من يخالفون النظام، ويتجاوزون السرعة المسموح بها، ونحن نعلم أن ذلك سبب – بفضل الله – لحفظ الأرواح. وليس لنا إلا أن نتخيل حجم الألم والحزن الذي تتعرض له أسرة فقدت أحد أفرادها بسبب حادث مروري، وهو ألم لا تمانع الأسرة أن تدفع كل أموال الدنيا لتتجنبه، وقبل أن نطالب يإيقاف النظام أو تحسينه، علينا أن نطالب أن يكون ساهر في كل شارع وفي كل طريق، ما دامت الأرقام تثبت أنه سيحفظ مزيدا من الأرواح.

(المقال منشور في جريدة اليوم)

سوق الأسهم… عدالة في التوزيع أم تركيز للثروات؟

عندما يتم الترخيص لبعض أنواع الشركات التي تستفيد من إمتياز خاص تمنحه الحكومة أو تستفيد من مورد طبيعي محدود، فإن الدولة تفرض على هذه الشركات طرح حصة من الشركة للإكتتاب العام من خلال سوق الأسهم، وهذا ينطبق على سبيل المثال على شركات البتروكيماويات والبنوك وشركات الإسمنت وشركات الإتصالات، وأحد المبررات الرئيسية في هذا الإشتراط – أي طرح حصة من الشركة في سوق الأسهم – هو ضمان استفادة أكبر شريحة ممكنة من المواطنين من الإستثمار هذه الشركات والإستفادة من الموارد أو الإمتيازات الممنوحة، أو بمعنى آخر زيادة توزيع الثروة بين أفراد المجتمع، هذا المبرر يبدو وللوهلة الأولى مبررا نبيلا ذو أهداف اجتماعية إيجابية، ولكن السؤال المطروح؛ هل بالفعل يسهم طرح هذه الشركات للإكتتاب في سوق الأسهم في توزيع الثروة بين المواطنين؟ هذا ما سنجيب عليه في هذا المقال.

بالرجوع لأرباح الأسهم في عام 2010 لكل الشركات السعودية المدرجة في سوق الأسهم والتي حققت ارباحا قياسية في العام الماضي، وبعد طرح جميع الحصص الحكومية والحصص الكبيرة للمساهمين والمعلنة في تداول، يمكننا حساب معدل العائد لكل مواطن ولكل أسرة سعودية، هذا على إفتراض الحالة المثالية، أي أن جميع الأسهم (موزعة بالتساوي) بين المواطنين وهو أمر غير حاصل فعليا بالإضافة إلى أن التوزيعات للأرباح للسهم لا تساوي بالضرورة أرباح الشركة الفعلية للسهم، أي أن ما سنصل إليه من نتيجة هو أفضل حالة ممكنة ولكن الواقع أسوأ بكثير. إجمالي أرباح جميع الشركات لعام 2010 كان حوالي 78 مليار ريال، أما حصة التملك الحكومي بالإضافة لحصة تملك كبار الملاك من هذه الأرباح فتزيد على 62%. أي أن ما يتبقى من أرباح هو حوالي 29 مليار ريال فقط، وبتقسيم هذا الرقم على عدد الأسر بالسعودية وهو حوالي 3.5 مليون فإن كل أسرة ستحصل على حوالي 690 ريال شهريا! اما لو قسمناه على عدد المواطنين وهو عشرين مليون فإن كل مواطن سيحصل على أقل من 125 ريال شهريا!

125 ريال لا تكفي لدفع نصف فاتورة الجوال، والواقع أن المستفيد الأكبر من سوق الأسهم هم الطبقة الغنية والطبقة المتوسطة الميسورة – وهي أغنى من الطبقة المتوسطة، ونسبة هذه الطبقتين لا تتجاوز 15% من إجمالي الأسر السعودية، بينما تعجز بقية الأسر عن الدخول بهذا السوق لأنها غير قادرة على التوفير أصلا، وبالكاد يكفي دخلها لاحتياجاتها الأساسية، بل أنها قد تقترض من البنوك لسد متطلباتها.

أسواق الأسهم هي أدواة مالية فعالة لتمويل الشركات وتسهيل تبادل الحصص، ولكنها ليست وسيلة لتوزيع الثروة، لأن الغالبية العظمى من المجتمع لا يستفيدون من هذه السوق، وبالتالي فإن طرح أي شركة في سوق الأسهم لا يزيد من توزيع الثروة وبالتالي لا يبرر منح امتيازات أو احتكارات خاصة لبعض المستثمرين للإستفادة من مورد او رخصة، وإن كان الهدف توزيع الثروة فيجب البحث عن سبل أخرى لضمان عدم تركز الثروات في يد القلة، من خلال رفع تكلفة هذه الإمتيازات أو فتح السوق على مصراعيه في التنافس ليستفيد المستهلك النهائي – المواطن – من أسعار أقل ومزايا أفضل.

(المقال منشور بجريدة اليوم)

عدد الأسر التي تعتمد على التستر والمتاجرة بالعمالة

إقترب إعلان وزارة العمل عن التعديلات الجديدة لقوانين الاستقدام والسعودة. وتشير أغلب التقارير أن هذه التعديلات ستكون أكثر تشددا مع المؤسسات والشركات التي لا تحقق نسب السعودة المطلوبة. وتشير تقارير الوزارة أن أقل الجهات سعودة هي المؤسسات الصغيرة التي يقل فيها عدد الموظفين عن 20 موظف. ولا يتجاوز معدل نسبة السعودة في هذه المؤسسات 3 بالمئة، وبالتالي ستكون هذه المؤسسات الأكثر تضررا من التعديلات. كما تشمل التعديلات المقترحة فكرة إنشاء شركات لتأجير واستقدام العمالة، بحيث تتولى هذه الشركات تزويد الشركات والمؤسسات بالعمالة التي يحتاجونها بشكل شهري. هذه التعديلات والمشاريع تهدف بشكل أساسي لمكافحة ظاهرة التستر والمتاجرة بالعمالة، وبالتالي خلق وظائف أكثر للمواطنين. ولكن السؤال المطروح: هل هناك آثار اجتماعية واقتصادية سلبية على المدى القصير إذا تم القضاء على ظاهرة التستر والمتاجرة بالعمالة؟

المؤكد أن عددا كبيرا من الأسر السعودية تعتمد على التستر أو المتاجرة بالعمالة كمصدر رئيسي ووحيد للدخل، ولكن لايوجد إحصاء دقيق لأعداد هذه الأسر ولا معدل دخلها. سنحاول في هذا المقال أن نحدد بشكل تقريبي أعداد هذه الأسر، وذلك من خلال الرجوع لاحصاءات أعداد الموظفين السعوديين بالقطاع العام والخاص ومقارنتهم بإجمالي عدد الأسر السعودية، حيث يعمل في القطاع الحكومي (المدني وغير المدني) حوالي 850 ألف سعودي، كما يعمل في القطاع الخاص حوالي 650 ألف سعودي. أي أن إجمالي السعوديين العاملين في القطاع الخاص والعام لا يتجاوز 1.5 مليون سعودي. أما إجمالي عدد الأسر السعودية فهو حوالي 3 مليون أسرة. وسنفترض أن في كل أسرة موظف واحد فقط، بالتالي فإن عدد الأسر التي يوجد فيها عائل موظف هو 1.5 مليون. أي أن هناك 1.5 مليون أسرة أخرى تحتاج لمصدر دخل غير الراتب الوظيفي. عدد المؤسسات المسجلة رسميا تزيد على 1 مليون مؤسسة. وهذه المؤسسات عادة ما تكون غطاءا لممارسات التستر والمتاجرة بالعمالة. سنفترض أن أقل من 50% من هذه المؤسسة تمارس أعمالا غير نظامة وتتستر وتتاجر بالعمالة، هذا يعني أن ما لا يقل عن 500 ألف أسرة تعتمد بشكل رئيسي ووحيد على التستر والمتاجرة بالعمالة كمصدر رئيسي ووحيد للدخل.

إن اعتماد هذا العدد الكبير من الأسر على مصدر الدخل هذا، يعني أن أي قضاء كامل على هذه الظاهر سيؤدي لمشاكل اجتماعية مباشرة يجب التعامل معها، حيث أنه من غير المعقول أن يتم قطع مصدر دخل هذه الأسر فجأة، والتي قد يزيد إجمالي عدد أفرادها 3 مليون، خاصة أننا لا يمكن أن نلقي اللوم عليها بشكل كامل، لأن الجميع شريك في انتشار هذه الظاهرة، حكومة وشعبا. فقطع هذا المصدر للدخل يوازي طرد جميع موظفي أرامكو وشركة الإتصالات وسابك والبنوك دفعة واحدة، أو حتى طرد جميع المدرسين والمدرسات من وظائفهم دفعة واحدة. ولكننا في نفس الوقت لا يمكن أن نؤجل حل هذه القضية – التستر والمتاجرة بالعمالة – التي تشكل سرطانا في جسد الاقتصاد وتهدد مستقبل الشباب وترفع من معدلات البطالة. لذلك يجب أن هناك خطة واضحة المعالم للتعامل مع الآثار السلبية التي ستحدث بعد قطع هذا المصدر الرئيسي للدخل حتى نجنب هذه الأسر والوطن كارثة اجتماعية.

البطالة القادمة… بالأرقام

أصبحت البطالة وعلاجها الهم الأول لدى المسؤولين، حيث أن هذا الخطر الداهم سبب رئيسي في زعزعة الإستقرار الأمني والإجتماعي، والتأخر في علاجه يزيد من صعوبة المهمة. وأول خطوة في علاج أي مشكلة هي تحديد حجمها وشكلها وبناء الاستراتيجيات والخطط على أساسها. لذلك سنحاول إلقاء الضوء على أهم الأرقام المتعلقة بالبطالة وحجم سوق العمل في الوقت الحالي والمستقبلي.
Continue reading

ثلاثون سنة من اللا إنتاجية

رغم الأرقام البراقة التي تعلنها الجهات المعنية مثل مؤسسة النقد أو وزارة المالية عن نمو الناتج المحلي ونمو القطاعات الغير النفطية والقطاع الخاص وغيرها من المؤشرات الاقتصادية، والتي قد توحي للمتلقي أن هناك نموا حقيقيا يحدث بالاقتصاد إلا أن الواقع يقول غير ذلك، فمع كثرة الأرقام الاقتصادية التي تمطرنا بها وسائل الإعلام إلا أننا لا نجد ذكرا لواحد من أهم المؤشرات الاقتصادية التي تدل على صحة النمو الاقتصادي وحقيقته ألا وهو مؤشر نمو الإنتاجية.
Continue reading

بنزين رخيص أو أرض مجانية؟

يكلف الدعم الحكومي في السعودية لسعر وقود السيارات (البنزين) مبالغ ضخمة سنوية، حيث تزيد تكلفة هذا الدعم عن 30 مليار ريال سنويا حسب أكثر من مصدر مطلع، وأيضا بناءا على التقديرات التي يمكن استنتاجها من خلال الأرقام، حيث توجد بالسعودية أكثر من 4.5 مليون سيارة. ولو افترضنا أن كل سيارة تستهلك بنزين بقيمة 150 ريال شهريا، وافترضنا أن سعر الوقود بدون دعم سيكون خمسة أضعاف السعر الحالي، فهذا يعني أن الحكومة تتكلف أكثر من 600 ريال شهريا لكل سيارة موجودة بالسعودية، أي ما مجموعه أكثر من 32 مليار ريال سعودي سنويا.
Continue reading

معدل رواتب موظفي الحكومة: 7300 ريال

Saudi-Riyal333_thumbأحد أهم المؤشرات الإقتصادية لأي دولة هو معدل الرواتب للقوى العاملة، وفي حالة السعودية فإن معدل رواتب موظفي الحكومة يمثل أهمية خاصة لأن الغالبية العظمى من السعوديين يعملون في القطاع الحكومي سواءا كان مدنيا أو غير مدني، حيث أن هذا الرقم ضروري جدا لرسم السياسات المستقبلية للاقتصاد والتخطيط وتفسير وتحليل الكثير من الظواهر الإقتصادية والإجتماعية كالبطالة وكثرة العمالة الاجنبية وضعف النمو الاقتصادي الحقيقي. ورغم أهمية هذا المؤشر فإنك لن تستطيع أن تجد أي مصدر موثوق يوفر هذا الرقم. ولذلك فقد عمدت إلى استخدام طرق غير مباشرة لحساب هذا الرقم.
Continue reading